ماذا بعد موت أسامة بن لادن؟! سؤال يتباري كثيرون في طرحه ويتسابق اكثر منهم علي الاجابة عنه. والسؤال نفسه سرعان ما يتجزأ الي اسئلة فرعية عديدة ومتصلة - بالطبع - بالسؤال الرئيسي. كلام كثير يتردد حاليا عن الدور الذي لعبته باكستان في عملية ال »كوماندوز« التي أدت إلي قتل اسامة بن لادن في مقر اقامته بالقرب من العاصمة الباكستانية.. الولاياتالمتحدة اكدت فور الاعلان عن »نصرها العظيم« انها نفذت ضربتها دون إعلام أو إخطار حكومة إسلام أباد! ووزير خارجية باكستان تماشي مع مقولة واشنطون، وعلق عليها بأن بلاده ستجري تحقيقا شاملا لمعرفة اسباب تجاهل واشنطون اسلام اباد والتعتيم علي عمليتها العسكرية لدرجة ان اجهزة الأمن والمخابرات الباكستانية لم تعرف شيئا عن التدخل العسكري إلا بعد ان اعلن عن مقتل اسامة بن لادن! وهو امر أزعج إسلام أباد.. علي حد وصف وزير الخارجية! سمعنا، وقرأنا، الكثير عن توابع العملية العسكرية الامريكية علي العلاقات بين الدولتين الحليفتين. البعض قال إن امريكا تعمدت التعتيم لانها - ببساطة متناهية - لا تثق في الاجهزة الأمنية الباكستانية، ولا تضمن الحفاظ علي سرية العملية واهدافها مما يعرضها للفشل وهروب بن لادن قبل الوصول إليه. وهذا التبرير لا يقنع احدا. فالزعم بأن السلطات الباكستانية لم تكن تعرف مكان زعيم تنظيم القاعدة يثير السخرية. فأسامة بن لادن كان يقيم في منطقة باكستانية وليس داخل كهف جبل تسيطر عليه إحدي القبائل، وبالتالي لا يعقل ان يعيش بن لادن في هذا البيت الكبير دون حماية مسلحة من عناصر »حركة المجاهدين الباكستانيين« أو من جهاز أمني حكومي، أو من كليهما. العملية التي نفذتها قوة خاصة أمريكية وأدت إلي قتل زعيم القاعدة يصعب جدا القيام بها بدون مساعدة، أو مشاركة، من جهاز المخابرات الباكستاني. حقيقة ان هذه الاجهزة منقسمة علي نفسها، ومتعددة الولاءات.. منها من يعمل لحساب منظمات متطرفة. ومنها من يحارب هذه المنظمات ومنها - ايضا - من يدين بالولاء الأعمي لحكومة بلاده. وهذا الجانب الأخير هو الاكثر صلاحية للقيام بدوره في تحقيق صفقة ما بين واشنطون واسلام أباد، ربما يكشف قريبا عن تفاصيلها وعائداتها علي الخزانة الباكستانية. والسؤال المهم الآن هو: هل قتل بن لادن يمثل ضربة ساحقة لتنظيم القاعدة؟ البعض اجاب بنعم. والبعض الآخر رفض هذا الوصف وهتف قائلا: »مات الملك.. يحيا الملك. اسامة بن لادن مات شهيدا« وهناك آلاف غيره يصلحون جميعا لرفع راية القاعدة عاليا! الكاتب الفرنسي »دومينيك توماس« - خبير شئون الحركات الاسلامية - يؤيد الرأي الثاني الذي ينفي تقلص نشاط القاعدة بموت مؤسسها وممولها.. ومن رأيه ان »بن لادن« كان يقيم في باكستان منذ فترة طويلة، وقلائل من كان يسمح لهم بزيارته. كما انه لم يعد يلعب - منذ زمن طويل - دورا تنفيذيا رئيسيا. فهو مجرد »رمز«، »شعار«، واجهة، لتنظيم القاعدة - من جهة - ويتولي - من جهة اخري - الدعوة إليه والترويج له عالميا من خلال أشرطة الفيديو التي تبثها الفضائيات بين الحين والحين. .. وللحديث بقية.