لا مستقبل لمصر الحديثة الجديدة سوي أن تكون دولة قانون. لا حماية للثورة ومنجزاتها ومسيرتها نحو الاصلاح الشامل سوي بترسيخ قيم القضاء العادل بعيدا عن الارهاب والهوجائية والابتزاز. لا استقرار ولا أمن ولا تقدم اقتصاديا ولا استثمارات ولا رفع للمرتبات ولا انهاء لازمة البطالة ولا حل للمشاكل الاجتماعية دون احساس بالامان والاطمئنان في العمل والمصنع والبيت والشارع والمدرسة. لابد ان تكون هناك فرصة لالتقاط الانفاس وان تتركز جهود الثوار وشرفاء هذا البلد من اجل العمل علي انتشاله من حالة القلق والاضطراب والخوف والهلع. يجب ان يدرك ابناء هذا الوطن الذين ساهموا في انجاح الثورة التي فتحت كل الطرق لتغيير وجه مصر انه ليس من مصلحة هذه الثورة ولا مستقبلها استمرار حالة الفوضي والانفلات الأمني وغياب المسئولية. ليس من أمل للخروج من عنق الزجاجة وعبور مرحلة الضيق الاقتصادي الذي يهدد حتي توفير الاحتياجات المعيشية سوي انتظام الحياة وان يعمل الجميع من اجل مضاعفة العمل والانتاج. الواجب الوطني يتطلب من كل غيور علي مستقبل هذا البلد ان يتصدي بكل القوة والمسئولية لمحاولات تعطيل دوران عجلة الحياة في المؤسسات الحكومية والمنشآت العامة والخاصة. أصبح ضروريا أن يؤمن وأن يدرك كل مصري يتطلع الي مستقبل افضل لوطنه ولكل الاجيال الحالية والقادمة.. ان استمرار عدم الاستقرار سوف يقضي علي الاحلام والاماني والمستقبل. من المؤكد ان اهداف ثورة 52 يناير تمحورت اساسا حول تغيير النظام الحاكم واقتلاع جذور الفساد الذي قادته مجموعة من المنتفعين. ليس ابدا من بين هذه الأهداف هدم الدولة المصرية بعظمتها ومكانتها التاريخية وقيمتها الأصيلة الراسخة. في هذا الاطار يصبح حتميا وتجاوبا مع مباديء هذه الثورة اتاحة الفرصة لتسيير وانتظام امور هذه الدولة وارساء دعائم بنائها بالصورة التي يطمح إليها ويتمناها كل مصري يعتز بهويته وانتمائه. ليس هناك مجال لتضييع الوقت الذي اصبح يسرقنا ونحن نقترب من الموعد المحدد لانتخابات مجلسي الشعب والشوري اللذين سيقودان مرحلة الانطلاق نحو اقامة حياة حرة وديمقراطية. ان علي كل قطاعات الشعب ان تتنبه الي محاولات شغل الشارع المصري بقضايا جانبية تستهدف بشكل اساسي تعويق عملية استكمال التشكيلات الشعبية الوطنية القادرة علي خوض هذه الانتخابات. ليس خافيا أن هدف جماعات بعينها من خلال اللجوء الي هذه الممارسات هو أن تٌتاح لها الفرصة للاستيلاء علي مقدرات الأمور في هذا البلد. كل الاطياف الوطنية التي تحملت مسئولية ثورة الاصلاح والتغيير مطالبة بتوخي الحذر والحرص تجاه ما يجري. انها ولا جدال في حاجة الي اليقظة الشديدة حتي لا تتحول الاوضاع الي مواقف لا تحمد عقباها ولا ينفع فيها الندم. عليهم ان يكونوا في حالة استنفار في مواجهة المتربصين الساعين الي اختطاف الثورة وتسخيرها لخدمة أهدافهم ومصالحهم.