بصراحة الحكاية زادت عن حدها واتقلبت لضدها ...واصبحت فوضي .. فكل واحد تطلع في دماغه "حاجة" يجمع عشرة او عشرين ويعملوا وقفة احتجاجية ومظاهرة ويهددوا باعتصامات واضرابات لاسباب شخصية و آراء خاصة ..ويجعلوا من انفسهم الحاكم والمحكوم! فرغم الحالة المزرية التي يعيشها الاقتصاد المصري والمصانع المغلقة اوالتي تعمل بربع طاقتها . وفقدنا 8 مليارات دولار من الاحتياطي النقدي في اقل من 4 اشهر علي المرتبات والاكل والشرب فلم اسمع عن وقفة احتجاجية او مظاهرة تطالب بعودة الاستقرار والتصدي بحزم للمخربين والبلطجية .. فكل ما اسمعه وتلاحقني اخباره عن متقاضين لم يعجبهم قرار القاضي بتأجيل القضية واخلاء سبيل المتهمين فقاموا بتحطيم قاعة المحكمة .. ومنتقبات لم يرضيهن تصريحات المفتي واراء شيوخ الازهر عن النقاب فتظاهرن للمطالبة باقالتهم .. وجماعة اعتبرتنا مسلمي النظام السابق وأطلقت علي نفسها اسم " المسلمون الجدد" تظاهروا امام الكاتدرائية بدعوي اسلمة كامليا شحاته واحتجازها بالكنيسة .. وخرج علينا زعيمهم بالفضائيات ليحدثنا عن اوهامه وافكاره المغلوطة . فرد عليه عدد من المسيحيين بالدعوة لمليونية ومظاهرة امام الكاتدرائية ..وخلاف "هايف" بين صبية شارع عبد العزيز تحول الي معركة بالاسلحة البيضاء والنارية وسقط فيها مصابون.. وشيخ اكل عليه الزمن وشرب وبلغ من الكبر عتيا يطرد السكينة من بيت من بيوت الله ويحوله هو واتباعه الي حلبة مصارعة ومشاجرات وصوت عال.. ومضمار سباق علي منبر الخطابة .. واطباء لا يعجبهم وزير الصحة يدعون الي اضراب عام وتوقف عن العمل..وسلفيون يريدون ترحيل السفير الاسرائيلي يصلون علي رصيف كوبري الجامعة .. و يقطعونه غير مهتمين بمن يمرون فوقه من سيارات وبشر ..وعشاق "بن لادن" من الجماعات الاسلامية يفرضون علينا صلاة الغائب ويتظاهرون امام السفارة الامريكية ..ومجموعة متآمرة تحتفل بعيد ميلاد الرئيس السابق امام مبني ماسبيرو فيحدث خلاف واشتباكات حول التورتة والجاتوه ويسقط مصابون..وسائقو المواقف العشوائية ارادوا ان يظهروا في الصورة فأعلنوا الاضراب في وسط البلد بدعوي المخالفات المرتفعة ..و15 من موظفي المالية الذين اكتسبوا من مواقعهم بمكتب الوزير مالا بغير حق اعتصموا وتظاهروا لتقريبهم من اقرانهم في القطاعات الاخري بالوزارة. بصراحة الفوضي لا تقتصر علي الشارع فقط ولكن ايضا في الحياة السياسية فالسياسيون يطبقون المثل المصري " اسمع كلامك اصدقك اشوف امورك استعجب.. فالدكتور عصام شرف امطرنا بالحديث عن تواضعه و بسطاته وانه ساكن امام علاء بتاع الفول ..ثم نفاجأ بحراسة تقف حوله اثناء سجوده في الصلاة بمسجد عبد الرحيم القناوي ..ونشاهد ضباط شرطة يوقفون المرور حتي يمر موكبه فوق كوبري اكتوبر وبالشوارع ..ويخرج علينا مستشاره الاعلامي ليتحدث عن مشاركة الجيش والشرطة في الانتخابات والحياة السياسية ..ثم يعود ليقول انه مطروح للرأي العام ..حتي الاخوان المسلمين الذين قالوا انهم سيلعبون سياسة عن طريق حزب ...ثم فاجأونا بانشاء ذراع سياسية للجماعة وليس حزبا ! أنا مع الديمقراطية والحرية قلبا وقالبا .. واكثر ما اكرهه في حياتي هو الديكتاتورية في اي مكان او وظيفة .. ولكن ما اخشاه ان يدفع ما يحدث من فوضي اقتصادية وسياسية واجتماعية.. وبلطجة ورعب ان تقول الاغلبية ان الديكتاتورية هي الحل!