في الوقت الذي أنجز فيه المجلس الأعلي للقوات المسلحة الوعد الذي قطعه علي نفسه ببناء كنيسة صول وسلمها بالفعل، وأقيمت فيها الصلاة قبل الموعد، اندلعت الاحداث الخطيرة في قنا إثر تعيين محافظ جديد، ووصلت الي حد منع سير القطارات وقطع الطرق، احتجاجا علي المحافظ الجديد بسبب انه قبطي كما قيل. علي الجانب الآخر، قيل ايضا إن الاحتجاج ليس بسبب أنه قبطي، بل لأنه ينتمي للنظام القديم الذي تم اسقاطه، حيث كان كما قيل يتولي وظيفة رفيعة المستوي، كمدير أمن أو نائب مدير أمن في السابق، ومن المحتمل أن يديه تلوثتا بدماء الشهداء. واذا كان سبب الاحتجاج هو وظيفته السابقة فإن الأمر يحتاج الي مراجعة من جانب الحكومة، كما كان يقتضي ان تتحلي الحكومة بالحصافة الواجبة وتستطلع آراء الناس قبل اصدار قرارها، وفي الحالتين فإن أهالي قنا معهم كل الحق في الاعتراض والاحتجاج ، بشرط ألا يؤثر هذا علي الحالة الأمنية البائسة، أو علي الأوضاع الاقتصادية المستحكمة. أما إذا كان السبب هو اعتراض أهالي قنا علي المحافظ لأنه قبطي، فإن الامر يستوجب وقفة حاسمة، لأن القوي السياسية بكل أطيافها وتياراتها بما في ذلك الأخوان المسلمون ارتضت الدولة المدنية وليس دولة الملالي، ولعل من أهم ما حققته ثورتنا في 52 يناير وكشفت عنه أن الفتنة الطائفية صناعة مسئول عنها وزارة الداخلية وأمن الدولة في النظام البائد، بل ان المتهم الذي قدمته الداخلية بوصفه المسئول عن تفجير كنيسة القديسين بالاسكندرية برئ تماما، وأن الأرجح هو مسئولية الداخلية ذاتها عن تفجير الكنيسة. لعلي لست مضطرا لاعادة ما ردده عشرات الكتاب في مقالاتهم مما يفيد أن كنائس ومساجد مصر ظلت قرابة أسبوعين في حماية الثوار وهم كل أهل مصر دون ان تتعرض لخدش، علي الرغم من انه لم يكن هناك جندي واحد في أي بقعة من بقاع بلادنا، وشهدنا جميعا كيف كان المسلمون يصلون في ميدان التحرير في حراسة اخوتهم الاقباط والعكس. والحال ان الثورة المصرية أكدت هذه الوحدة بين الاقباط والمسلمين، وكلنا نذكر كيف كان الثوار يمنعون اي تيار، بما في ذلك التيارات الدينية، من رفع شعاراتها الخاصة، واتفقوا علي الشعارات والهتافات التي تؤكد وحدة الامة. والحال ايضا ان هناك مئات من المسلمين، ومن بينهم محجبات ومنقبات شاركن الاقباط في اعتصامهم أمام ماسبيرو بعد الاعتداء علي كنيسة اطفيح. يا أهالينا في قنا أمامكم وأمام بلادنا مهام جسيمة. لقد أنجزتم الثورة علي الطغيان والفساد والفقر والجوع والحكم الديكتاتوري، وأمام الجميع أقباطا ومسلمين مهمة اعادة بناء بلدنا التي نهبها وخربها وجرفها النظام السابق، ومن بين خطايا ولا أقول أخطاء ذلك النظام هو استخدام الانقسام الطائفي في تثبيت دعائم حكمه كما ثبت وتأكد. يا أهالينا في قنا علينا ان ننتبه لما يحاك ضد ثورتنا، محتكمين الي مدنية بلادنا، نريد دولة القانون والاحتكام الي صناديق الانتخابات وتداول السلطة وممارسة الحرية واقامة العدل، أمامنا مهمة انتشال بلادنا من وهدة الفساد، أمامنا الحفاظ علي ثورتنا من الثورة المضادة . في مطلع هذا الاسبوع صدرت تصريحات من قياديين في الاخوان بشأن سعيهم لتطبيق حدود الشريعة واعلان مصر دولة اسلامية، وهو ما أدي الي غضب عارم من جانب أطياف وقوي سياسية وتيارات مختلفة عديدة، فبادرت الجماعة الي اتهام المصري اليوم التي نشرت هذه التصريحات بتحريفها، الا ان المصري اليوم ذكرت انها ستبث تسجيلا صوتيا لتلك التصريحات علي موقعها الالكتروني طبقا لما نشرته. ماذا نفهم من هذه الحكاية القصيرة التي أختتم بها سطوري؟ نفهم علي الاقل، الي جانب ان هذه هي الطريقة النموذجية للاخوان الذين كان واجبا عليهم ان يدركوا ان الثورة التي شاركوا فيها تستلزم التخلي عن الطريقة التقليدية، الي جانب هذا نفهم ان البعض يصر علي خلط الدين بالسياسية واستخدام الدين استخداما سياسيا، وهو اخطر ما نتعرض له، فهل نتقي الله؟!