»عودة الأمن الي الشارع المصري، مطلب شعبي عاجل لا يحتمل التأخير..« الاثنين: اللواء منصور عيسوي وزير الداخلية أكن له كل الاحترام والتقدير، لطهارة يده وصراحته وإخلاصه لوطنه، ومن هذا المنطلق اتوجه اليه وأناشده ان يتخذ خطوة حاسمة وسريعة لحل مشكلة النقص في رجال الشرطة التي تنعكس علي حالة الأمن في البلاد، والتي يعاني منها الشعب المصري، فلا يوجد مواطن واحد يشعر بالأمان، وعدم الشعور بالأمان له تأثير مباشر علي السياحة والاستثمارات والبورصة والبنوك وحركة الأسواق وبالتالي علي الاقتصاد باكمله. اناشد الوزير أن يهرش رأسه ويفكر في حل سريع وحاسم يخرجنا من هذه المشكلة الخطيرة، وأنا واثق أن الوزير قادر علي ايجاد هذا الحل. وارجو أن يسمح لي الوزير ان أشاركه في التفكير والبحث عن حل.. وقد اهتديت الي بعض الافكار أتمني أن يفسح صدره لها: لماذا لا نسمح باختصار الدراسة في كلية الشرطة الي ثلاث سنوات فقط بصفة استثنائية لمدة عامين مثلا، ويبدأ تطبيق هذه الفكرة ابتداء من هذا العام، وبذلك نضاعف عدد الخريجين. لماذا لا نستعين بخريجي كليات الحقوق وغيرها من الكليات النظرية، ممن لا يجدون عملا حتي الآن، في وحدات المرور والمصالح التابعة للوزارة بعد تدريبهم عدة شهور، والاستفادة من الضباط المدربين من ذوي الخبرة الذي يعملون حاليا في هذه الوظائف، وبذلك نكون قد ضربنا عصفورين بحجر واحد، ساهمنا في زيادة عدد رجال الشرطة من الضباط، وساهمنا أيضا في توفير فرص العمل للشباب، وقد طرحت مرارا قبل ثورة يناير هذه الأفكار ولكن لم يستجب لها أحد، وما يجعلني أتحمس لاشتراك الشباب في تنظيم المرور، وتحقيق الانضباط في الشارع، ومراقبة السلوك العام والعمل بشرطة المرافق وشرطة التموين وشرطة الكهرباء وغيرها، هو نجاحهم في اللجان الشعبية خلال الأيام الأولي للثورة نجاحا كبيرا، فقد استطاعوا أن يحوزوا علي تقدير الجماهير وعرفانهم، لما قاموا به من جهود أعادت الطمأنينة الي قلوبهم، في وقت كانوا جميعا في أشد الحاجة الي الشعور بالأمان. وهناك فكرة أخيرة، وهي الاستعانة بهذا العدد الضخم من حملة الشهادات المتوسطة المتعطلين، في تدعيم الدوريات الراكبة التي تجوب الشوارع سواء بالسيارات أو الدراجات البخارية، وكثرة هذه الدوريات تبث الشعور بالطمأنينة في نفوس المواطنين. يا سيادة الوزير إننا جميعا نشعر بالخوف، ليس علي أنفسنا فحسب، ولكن علي وطننا الحبيب العزيز، نخاف عليه من الازمات الاقتصادية والتموينية، نخاف عليه من هروب الاستثمارات الأجنبية والعربية، نخاف علي سمعته السياحية، واحجام السياح عن زيارته، إن المنطقة كلها في حالة عدم استقرار وثورات، وهذه فرصتنا إذا حققنا الأمن والأمان، فإن السائحين العرب سوف يتدفقون علينا من كل انحاء العالم العربي، بدلا من تدفقهم الآن علي دبي ولبنان. أخيرا.. يا سيادة الوزير إنني أومن بأنه لا توجد مشكلة بلا حل، والحل دائما لا يأتي من تلقاه نفسه. ولكن يأتي بالتفكير والبحث واستشارة الخبراء، والإستماع الي الآراء المخلصة. يا سيادة الوزير ان المشكلة أخطر مما نتصور جميعا، لذلك أدعوك للبدء فورا في اتخاذ اجراء جريء وسريع وحاسم وغير تقليدي، إجراء يكون علي مستوي الموقف الصعب، إجراء يعيد الأمن والأمان علي الفور لكل أركان البلاد.. أدعوك لان تهرش رأسك وتركز في التفكير. الأناقة.. في الزنزانة! الثلاثاء: يبدو أن حلاوة الروح لها تأثيرها علي الإنسان عندما يشعر أنه يقترب من النهاية، فهو يريد أن يستمتع قدر استطاعته بما بقي له من وقت قبل الرحيل، وهذا ما يفسر السؤال الذي يوجهه »عشماوي« الي المحكوم عليه بالإعدام، قبل أن يلتف حبل المشنقة حول رقبته، وهو: نفسك في إيه؟ فيقول مثلا: نفسي أشوف أمي أو نفسي في كيلو كباب وكفته أو نفسي في طبق كشري.. أو في ديك رومي.. وهكذا يعلن كل شخص عن الأمنية التي يتمني أن تتحقق قبل أن يفارق الحياة، وما علي »عشماوي« إلا أن ينقلها الي رئيسه، ويتلقي منه التعليمات بالموافقة أو الرفض! وهذه الأمنيات المتواضعة، لا يتمناها سوي الطبقات الفقيرة، وهي تتفق مع مستوي معيشتهم والبيئة التي نشأوا فيها. أما طبقة الأثرياء فعندما يشعر أحد أفرادها أن نهايته قد اقتربت، سواء كانت النهاية إلهية أو بحكم من محكمة الجنايات، فإن الأمنيات تختلف، والمتع بالنسبة لهم لا تكون مثل متع الفقراء! ويؤيد هذا الكلام الخبر الذي قرأته في صحيفة »الشروق« من أن حبيب العادلي وأحمد عز رفضا ارتداء ملابس السجن البيضاء، واشتري كل منهما أربعة تريننجات بسعر ثمانية آلاف جنيه من مول بفندق فور سيزون. وهي تحمل ماركة عالمية، وهذا ما يفسر ثمنها المرتفع. وقد قامت حفيدة العادلي بشراء التريننجات لجدها، كما قال أحد العاملين بالمول، ثم حضر بعدها أحد أقارب أحمد عز ليشتري أربعة تريننجات أخري بنفس السعر، ويبدو أنه رأي العادلي يرتديها، فأعجبته فاشتري مثلها! هكذا يحرص الأثرياء من المجرمين علي أناقتهم التي اعتادوا عليها في حياتهم الخاصة، ولا يمكنهم التقشف أو إرتداء ملابس السجن حتي لو اضطرتهم الظروف لذلك، بل ويصرون علي أن يكونوا في كامل أناقتهم، وأن يكونوا متميزين عن غيرهم حتي وهم في الزنزانة.. ويتوقعون حكم الإعدام أو السجن المؤبد! حول تجريم الاحتجاجات الأربعاء: يبدو أن قانون تجريم الاعتصامات والاحتجاجات قد تم التحفظ عليه استجابة لطلب شباب الثورة، وتجميده بصفة مؤقتة، وكان الهدف من هذا القانون وقت صدوره هو وقف هذا السيل من مظاهرات الاحتجاجات والاعتصامات والمطالب الفئوية التي زادت عن الحد المعقول، واصبحت تهدد العمل والانتاج في الكثير من المصالح والشركات والمؤسسات، كما تسببت في تعطيل حركة المرور، وإثارة الفوضي في الشوارع، والإيحاء للاجانب والزائرين بأن البلد مازال في حالة ثورة، وأن الاستقرار والأمن لم يتحققا حتي الآن، مما يؤثر علي السياحة والاستثمارات الأجنبية والعربية، والاقتصاد بصفة عامة. وقد نص القانون علي السماح بالإعتصامات والاحتجاجات في العطلات وفي غير أوقات العمل الرسمية، وذلك حرصا علي سير دولاب العمل في الدولة، وعدم تعطيل عجلة الانتاج، وإلا تعرض المخالفون للعقاب. ولكن للأسف الشديد لم يلق هذا القانون أي احترام من جانب أصحاب المطالب الفئوية، فمازالوا يتظاهرون، ويمارسون وقفاتهم الإحتجاجية أمام مجلس الوزراء والوزارات المختلفة، غير عابئين بالعقوبات التي ينص عليها، أما الحكومة فإنها ايضا لا تبدي موقفا واضحا إزاء هذه الانتهاكات، ولا تحاول العمل علي وقفها مما يدفع المتظاهرين علي الاستمرار في التظاهر والاعتصام! وهذا الموقف من جانب الحكومة في تطبيق القانون هو الذي شجع المتظاهرين -من غير شباب الثورة- علي احتلال ميدان التحرير لعدة ايام حتي تم اجلاؤهم بالتعاون بين شباب الثورة والقوات المسلحة. وقد يكون السبب في موقف الحكومة من هذا القانون هو عدم رغبتها في إثارة المشاكل والاضطرابات في حالة منع التظاهرات، خاصة في هذه المرحلة الحساسة، ونحن لا نعترض علي هذه السياسة، بل نؤيدها. ولكن علي الحكومة أن تعمل بأي وسيلة تراها علي وقف هذه الاحتجاجات، والمظاهرات الفئوية، حتي نكتمل منظومة الاستقرار التي بدأنا نشعر بها جميعا بعد بدء محاكمة الرئيس السابق وأسرته، إننا لا نريد أن نعكر صفو جو الاستقرار الذي كنا ننتظره منذ قيام الثورة. دموع علي وجه طفل! الخميس: قال الطفل لأمه: ولكن يا ماما أنا عايز اللعبة دي، فأجابته الأم: يا محسن اللعبة دي أحسن.. وتدخل البائع وقال: يا مدام اللعبة دي بخمسين جنيه، ولكن الام اشارت علي لعبة اخري وسألته عن ثمنها فقال: عشرين جنيه. واستقر رأيها ان تأخذها، ولكن محسن صعدت الدموع البريئة إلي عينيه، وبدا علي وجهه الانكسار والحزن، ودخلت سيدة اخري إلي المحل، ومعها طفل في مثل عمر محسن، ومشت مزهوة، فهرول نحوها البائع وترك السيدة الأولي، فأحست بانكسار شبيه بالذي أحسه طفلها!!. وأخذ البائع يعرض علي السيدة الثانية لعباً متعددة ليختار طفلها واحدة منها، ومحسن يتابع هذه اللعب في براءة الطفولة ويتفرج عليها، وقال البائع للسيدة الثانية: هذه اللعبة بسبعين جنيها، وتلك بخمسة وثمانين جنيها، وأخذ طفلها يختار ما يشاء، فأرتد محسن إلي أمه منكسراً يسألها: لماذا أخذ هذا الطفل ما يريد.. وأنا لا آخذ ما أريد؟ وطبطبت المرأة بيدها علي وجه طفلها، وأخذته بين ذراعيها، وطبعت علي جبينه قبلة فرت معها دمعة، وقالت له: تعال يا محسن نروح محل تاني أحسن من ده.. وانطلق الطفل مستكيناً راضياً.. وانطلقت الأم كسيرة الجناح! القلوب تكشف أسرارها! الجمعة: طال البرد قليلا، ولكن الشمس أخذت تزداد دفئا، والشجر تسري فيه الحياة، والصدور يتسلل إليها الأمل، إنه مطلع الربيع، تعود الطبيعة فتبدو في أحل لباسها، فتملأ الدنيا بهجة وسلاما، تختفي شهورا بنورها وزهرها وسناها، ثم تعود الينا اكثر مما كانت بهجة وسناء، إن زهرة لم تتفتح، كتاب لم يقرأ، وشجرة لم تورق قلب يعيش بلا أمل، وفي الربيع تتفتح الأزهار، وتورق الأشجار، تكشف القلوب أسرارها، وتداعب أحلامها، منذ عدة أيام رأيت فتيات وفتيان يجوبون الشارع الذي أقيم فيه يجمعون التبرعات لتنظيفه وطلاء الأرصفة باللونين الأسود والأبيض، ورسم العلم المصري علي جزوع الأشجار، إنها روح الثورة، تتعانق مع الطبيعة في مطلع الربيع. تأملت أمس غصنا في شجرة، أحدهما أخذ الربيع ينفث فيه الحياة، فبدت أوراقه نقطا صغيرة خضراء تومض بما يشبه الابتسام، فرحة بالنور والدفء، أما الغصن الآخر فكان النسيم يهزه في لين ورفق، والشمس ترسل اليه الدفء، ولكنه للأسف كان ينظر بعينين منكسرتين، يحاول أن يبتسم فلا يستطيع، يحاول أن يستمتع بالدفء فلا يستطيع، ليست عليه هذه النقط الصغيرة الخضراء، كان مريضا سرت فيه بعض الآفات. هذه قصة الحياة.. وميض فيه الاشراق، وكآبه فيها الأفول، فماذا يستطيع الربيع أن يفعل بالحزن الذي سكن القلب شهورا وسنوات؟ ماذا يستطيع أن يفعل للبيت الذي خلا من أنيسه؟ للعروس التي فقدت فتي أحلامها؟ للأب الذي أودع نور أمله التراب؟ والام التي دفنت مع وحيدها الشهيد كل الهوي وكل الآمال؟ وهذه هي الحياة، اذا كان فيها الأسي، فإن فيها الابتسامة، واذا كان فيها الحزن، فإن فيها الأمل، واذا كان فيها البرد والعواصف، فإن فيها الدفء والهناء، فمع كل ظلمة ينبثق نور! لا يوجد إنسان محظوظ! السبت: ينشأ كثير منا وفي نفسه وعقله شعور بسوء الحظ، وهذا الشعور يرجع غالبا الي ظروف الطفولة مثال ذلك فتاة لها أخ تفضله الأم عنها، فتحس بالغبن وسوء الحظ، وتعيش وهي لا تتوقع من أيامها الا كل شيء سييء، والسبب في نفسها لا في الاقدار. من المألوف أيضا ان يقول قاريء كف أو فنجان لشخص ما »سيصيبك خير كثير هذا العام، فيصيبه الخير فعلا، والحقيقة أن قاريء الكف قد أثر فيه بالايحاء، فأصبح ينتهز دائما الفرص المفيدة، وكلما مرت استطاع أن يغتنمها. يكفي اذن أن تكون متهيئا لتقبل الأشياء الحسنة، خالية نفسك من الخوف واليأس والقلق، والملل الذي يدفع الانسان الي الانكماش. ويقول العالم الامريكي د. بيتران رولف في كتابه »فن الحظ« انه ليس هناك شخص محظوظ، إنما هناك شخص يستغل الظروف لمصلحته، فيقال أنه حسن الحظ، وآخر لايفكر في ذلك، فتفوته الفرص، ويقال عنه أنه »سييء الحظ«. مثلا عندما يحدث أن يتعطل القطار في الطريق عند بلدة ما، تري رجلا من الراكبين ينفخ ويتأفف ويلعن الحظ الذي أركبه هذا القطار، مع أنه لا شيء هناك يؤذيه من هذا التعطيل، وآخر تراه يضحك، وينزل من القطار ويتجول حوله، ويتحدث الي مفتش القطار والسائق، والركاب والعابرين، ويستفيد من رؤية اشياء جديدة، فيتعلم أشياء لم يكن يعرفها، ثم يعود فيقول انه من حسن الحظ ان تعطل القطار، فقد رأي اشياء كثيرة، واستفاد من معلومات جديدة، وتعرف الي فلان وفلان، هذا اذن ما يسمي »فن الحظ«. الحال من بعضه! شنت جريدة »لاكسيون فرانسيز« الفرنسية حملة علي مجلس باريس البلدي بقولها أن نصف أعضائه لصوص، فلما قرر المجلس تقديمها للمحاكمة، توسط البعض للصلح بينهما، وقبلت الجريدة أن تكذب الخبر، وصدرت في اليوم التالي وفيها هذا الاعتذار الغريب: »نشرنا أمس أن نصف أعضاء مجلس باريس لصوص وهذا غير صحيح، والحقيقة أن نصف أعضاء المجلس ليسوا لصوصا«!!