قد يكون من القصور الفكري أن ننظر الي قضية التحول بين الأديان ذهاباً واياباً في إطار المادة 47 من قانون الاحوال المدنية فقط. لقد جاء لفظ الديانة في المادة 74 من قانون الأحوال المدنية دون تحديد ليدل علي امكانية التعديل في أي من الديانات السماوية الثلاث وعليه يجب علي مصلحة الأحوال المدنية اعتماد قضية الديانة إذا تكاملت الوثائق بحصول المواطن علي تصريح من الأزهر الشريف أو بطريركية الأقباط الأرثوذكس. وإذا كانت المحكمة وهي تطبق قانون الأحوال المدنية أكدت أن السماح للمسيحي الذي اعتنق الإسلام بالعودة للمسيحية في الرقم القومي لا يعتبر إقرارا لهذا العائد بصحة ما قام به من تصرف لأنه في الشريعة الإسلامية يعتبر مرتدا فإن الأمر أكبر من مجرد بطاقة ، بل قد يمتد لإحداث فتنة. هذه هي الإشكالية ويجب أن نضعها في إطارها الصحيح دون مواربة أو محاولة لرأب الصدع للتوفيق بين الأديان ومن يعتنقونها .. لهذا أري ان هناك بعض النقاط المهمة التي يجب علي المشرع أن ينتبه إليها فالعودة أو بالأصح النزهة بين الأديان وحرية التحرك بينها تارة مسلما وتارة مسيحيا وتارة يهوديا ثم العودة مرة أخري لتكرار هذه الاعتناقات علي فترات قصرت أو بعدت إنما هو تهريج لا يحفظ للعقيدة وقاراً. وللقضاء علي هذه الفتنة التي أطلت برأسها قليلا الآن وأخشي مع الزمن ان تزيد أو تجد من ينفخ في آذان أصحابها، لإحداث بلبلة وعدم استقرار في المجتمع، أجد أن هناك حقيقة واضحة وضوح الشمس لابد من أخذها في الاعتبار وهي ان الطفل عندما يولد يسجله والداه مسلما أو مسيحيا أو يهوديا أو معتنقا أي معتقدات أخري في شهادة ميلاده لهذا فليس أمامه فرصة للاختيار وإنما هو حسب دينه يسمي مسلما أو مسيحيا أو يهوديا »بطاقة« ثم يتعلم بعد هذا من خلال أبويه أومدرسته مناسك وعبادات ديانته.. لهذا لا يمكن محاسبته أبدا إذا قرر أن يغير ديانته باختياره وحده ولوجه الله وأكرر لوجه الله وليس لمصلحة يجنيها من هذا الدين أو ذاك لهذا أجد من الضروري تفعيل الاقتراح الذي قدمه شيخ الأزهر بانشاء بيت العائلة علي أن تخصص لجنة فيه من الرموز الإسلامية والمسيحية الأكفاء الذين يضعون شروطا أساسية للتحول من دين إلي آخر ولمرة واحدة ومنع العبث من ضعاف النفوس بتجربة هذا الدين تارة وذاك تارة أخري طالما بأيدينا أن نعود إلي ما كنا عليه في النهاية وأن يعلم المتحول أن هناك عقوبات شديدة في حالة التراجع أو الردة أيا كان الدين. يجب علي اللجنة أن تحقق الأمان لمن أراد التحول من دين إلي آخر عن ايمان واقتناع وصدق النية وأن تتحقق من أنه علي علم بالأحكام الشرعية للدين الذي اختاره. هذه اللجنة هي وحدها صاحبة الحق في قبول أو رفض اعتناق الدين الجديد، وانزال العقوبات أيضا في حالة التراجع، وعلي الجهات المختصة تنفيذ أحكامها. الانتقال من دين الميلاد إلي الدين الذي يود أي مواطن أن يعتنقه يجب أن يمر في سلام من خلال علماء دين متخصصين في الشرائع الإسلامية والمسيحية واليهودية حتي يأمن الجميع شر الفتنة ويأمن المتحول لدين ما شر ما قد يقابله من أقرانه إذا رفضوا تحوله.