خلال السنوات الماضية، وعندما كان يقع حادث تحطم طائرة.. سواء كانت طائرة ركاب، أو أي طائرة من أي نوع، كان هناك مثل شائع يقول »إن الطائرة تحطمت وأخذت معها سرها« بمعني السر أو السبب الذي أدي إلي تحطمها كان هذا في الماضي، قبل اختراع الأجهزة السمعية، والبصرية، والالكترونية المتعددة ومن بينها »الصندوق الأسود« وجميعها تسجل بدقة كل ما جري، وما أدي فيما بعد إلي وقوع الحادث! وكما سمعنا وقرأنا جميعاً فإن حادثاً جوياً مروعاً وقع يوم السبت الماضي تحطمت خلاله طائرة الرئيس البولندي ليخ كاتشينسكي، فكان أن لقي مصرعه هو وزوجته و69 من كبار رجال الدولة وطاقم الطائرة المنكوبة، وفي هذا فإن ذلك المثل الشائع الذي يقول »الطائرة المنكوبة تأخذ معها سر نكبتها«.. هذا المثل لم يعد سارياً، ولم يعد مقبولاً.. ويبدو من المرجح أن الرئيس كاتشينسكي قد أصدر تعليماته للطيار بالهبوط في المطار رغم الأحوال الجوية السيئة التي تحول دون الهبوط بالطائرة، ويدعم من هذا الافتراض أنه في عام 8002 كان كاتشينسكي يستقل طائرة ومعه خمسة من القادة البولنديين متجهين إلي جورجيا خلال الحرب بين روسيا وجورجيا، وكانت خطة الرحلة تقضي بالهبوط في أذربيجان تجنباً للتحليق فوق مناطق القتال، وهنا تدخل الرئيس كاتشينسكي وأصدر أوامره لقائد الطائرة بالهبوط مباشرة في العاصمة الجورجية، رغم أنها منطقة حرب ومن المفترض، ومن الطبيعي، أن عناصر الدفاع الجوي هناك ستتعامل معها فوراً علي أنها طائرة معادية، وتقوم بإسقاطها، ولكن في هذه المرة كان قائد الطائرة الرئاسية منضبطاً، وواثقاً من نفسه، فما كان منه إلا أن رفض أوامر الرئيس البولندي وهبط في مطار أذربيجان كما كان مقرراً! والغريب أنه بعد عودة الرئيس كاتشينسكي سالماً هذه المرة إلي بلاده، فإنه هاجم الطيار قائلاً إنه »لا ينبغي أن يكون الطيار جباناً« وطلب إجراء تحقيق معه، ماطلت النيابة هناك في تنفيذه، أما في يوم السبت الماضي فقد حدث العكس تماماً من جانب الطيار.. ورأينا جميعاً، ومن قبلنا الرئيس ليخ كاتشينسكي، كيف كانت النتيجة!