عضو شعبة الذهب: توقعات بزيادة الأسعار 400 جنيه إضافية بحلول 2025    لندن: 700 جندي بريطاني ينتقلون لقبرص عقب التصعيد بين إسرائيل ولبنان    حزب الله يستهدف قاعدة إسرائيلية بسرب من ‏المسيرات    عاجل - غزة تتصدر مشهد اجتماعات الأمم المتحدة و"حماس" ترفض أي مفاوضات جديدة    الكويت.. تعديلات في منح وسحب الجنسية    إيقاف شهر وقرارات كارثية.. من هو الحكم المرفوض من الزمالك في السوبر الأفريقي؟ عاجل    هل هناك نسخ بالقرآن الكريم؟ أزهري يحسم الأمر    جمال شعبان: متحور كورونا الجديد ظهر في 27 دولة ولم يصل مصر    مواعيد مباريات الدوري الإسباني اليوم الأربعاء 25-9-2024 والقنوات الناقلة    نجم الزمالك السابق: «قلقان من أفشة.. ومحمد هاني لما بيسيب مركزه بيغرق»    تعرف على موعد عرض مسلسل أزمة منتصف العمر    لا أساس لها من الصحة.. شركات المياه بالمحافظات تكشف حقيقة التلوث وتنفي الشائعات المنتشرة على الجروبات    برامج جديدة للدراسة بكلية التجارة بجامعة المنوفية    المقاومة الإسلامية في العراق تعلن قصف هدف قرب غور الأردن    محمود الليثي وإسلام إبراهيم يكشفان تفاصيل دورهما في فيلم عنب (فيديو)    «ألماس» كلمة السر.. حزب الله يستعد لمواجهة جيش الاحتلال بريا    برنامج تدريبي لأعضاء هيئة التدريس عن التنمية المستدامة بجامعة سوهاج    وفري في الميزانية، واتعلمي طريقة عمل مربى التين في البيت    انتداب المعمل الجنائي لمعاينة حريق شقة سكنية بأكتوبر    وزير خارجية لبنان: حوالي نصف مليون نازح بسبب العدوان الإسرائيلي    أحمد موسى: مصر لها جيش يحمي حدودها وشعبها ومقدراته    بعد ظهورها في أسوان.. تعرف على طرق الوقاية من بكتيريا الإيكولاي    ريم البارودي تعود في قرار الاعتذار عن مسلسل «جوما»: استعد لبدء التصوير    عمارة ل«البوابة نيوز»: جامعة الأقصر شريك أساسي لتنمية المحافظة وبيننا تعاون مستمر    محافظ أسوان يطمئن المصريين: ننتظر خروج كل المصابين نهاية الأسبوع.. والحالات في تناقص    بشرى للموظفين.. موعد إجازة 6 أكتوبر 2024 للقطاع العام والخاص والبنوك (هتأجز 9 أيام)    البحرين وكينيا تبحثان تطوير أوجه التعاون الثنائي في مختلف المجالات    مواعيد مباريات اليوم الأربعاء في الدوري الإسباني وكأس كاراباو بإنجلترا    خطر على القلب.. ماذا يحدث لجسمك عند تناول الموز على معدة غارفة    قطع المياه اليوم 4 ساعات عن 11 قرية بالمنوفية    بعد اختفائه 25 يوما، العثور على رفات جثة شاب داخل بالوعة صرف صحي بالأقصر    غلطة سائق.. النيابة تستعلم عن صحة 9 أشخاص أصيبوا في انقلاب سيارة بالصف    وفاة إعلامي بماسبيرو.. و"الوطنية للإعلام" تتقدم بالعزاء لأسرته    فريق عمل السفارة الأمريكية يؤكد الحرص على دفع التعاون مع مصر    زيادة جديدة في أسعار سيارات جي إيه سي إمباو    "حزن وخوف وترقب".. كندة علوش تعلق على الأوضاع في لبنان    محافظ الأقصر: «أي مواطن لديه مشكلة في التصالح يتوجه لمقابلتي فورًا»    ما حكم قراءة سورة "يس" بنيَّة قضاء الحاجات وتيسير الأمور    محافظ الأقصر ل«البوابة نيوز»: المرحلة الثانية لمبادرة حياة كريمة تستهدف قرى البياضية والقرنة    حال خسارة السوبر.. ناقد رياضي: مؤمن سليمان مرشح لخلافة جوميز    حمادة طلبة: الزمالك قادر على تحقيق لقب السوبر الأفريقي.. والتدعيمات الجديدة ستضيف الكثير أمام الأهلي    وزير الاتصالات: التعاون مع الصين امتد ليشمل إنشاء مصانع لكابلات الألياف الضوئية والهواتف المحمولة    تشيلسي يكتسح بارو بخماسية نظيفة ويتأهل لثمن نهائي كأس الرابطة الإنجليزية    رياضة ½ الليل| الزمالك وقمصان يصلان السعودية.. «أمريكي» في الأهلي.. ومبابي يتألق في الخماسية    حظك اليوم| الأربعاء 25 سبتمبر لمواليد برج الحمل    خلال لقائه مدير عام اليونسكو.. عبد العاطي يدعو لتسريع الخطوات التنفيذية لمبادرة التكيف المائي    حظك اليوم| الأربعاء 25 سبتمبر لمواليد برج القوس    حدث بالفن| وفاة شقيق فنان ورسالة تركي آل الشيخ قبل السوبر الأفريقي واعتذار حسام حبيب    مقتل عنصر إجرامي خطر خلال تبادل إطلاق النار مع الشرطة في قنا    بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم الأربعاء والأرصاد تزف بشرى سارة لمحبي الشتاء    هل الصلاة بالتاتو أو الوشم باطلة؟ داعية يحسم الجدل (فيديو)    لرفضه زواجه من شقيقته.. الجنايات تعاقب سائق وصديقه قتلوا شاب بالسلام    انتداب المعمل الجنائي لمعاينة حريق شقة سكنية بمدينة 6 أكتوبر    محافظ شمال سيناء يلتقي مشايخ وعواقل نخل بوسط سيناء    الكيلو ب7 جنيهات.. شعبة الخضروات تكشف مفاجأة سارة بشأن سعر الطماطم    هل هناك جائحة جديدة من كورونا؟.. رئيس الرابطة الطبية الأوروبية يوضح    رسائل نور للعالمين.. «الأوقاف» تطلق المطوية الثانية بمبادرة خلق عظيم    خالد الجندي يوجه رسالة للمتشككين: "لا تَقْفُ ما ليس لكم به علم"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نظرة إلي المستقبل
صلاح مرعي: عازف الديكور والحياة
نشر في الأخبار يوم 14 - 03 - 2011

كان علي أن أقطع سلسلة مقالاتي عن ثورة 52 يناير لأودع واحدا من أكثر من أحببت في حياتي فاعذروني.
رأيت صلاح مرعي لأول مرة في مكتب فنان السينما الرائع شادي عبد السلام كان ذلك ذات مساء من بدايات عام 5791 كنت طالبا في السنة النهائية في قسم الصحافة بكلية الاعلام بجامعة القاهرة وكان فيلم شادي »المومياء« قد بدأ عرضه في عدد من دور السينما بالقاهرة.
يذكر من شاهدوا الفيلم في تلك الأيام أنه جاء كقنبلة سينمائية ناعمة وموسيقية شديدة الرهافة.
اعتبره »جون راسل تايلور« اكبر ناقد إنجليزي في ذلك الوقت انه »أهم فيلم خرج من القاهرة الإفريقية«.
ذهبت إلي شادي في مكتبه في شارع 62 يوليو بوسط البلد لأجري معه حديثا حول فيلمه المدهش نشر الحديث في جريدة »صوت الجامعة« يوم 71 فبراير 5791 بعنوان »المومياء ليس فرعونيا« وعنوان فرعي »الطلاب هم الطريق الي سينما طليعية« كان يحرر هذه الجريدة ويصدرها طلاب كلية الاعلام كل يوم اثنين من كل اسبوع تحت إشراف أستاذنا العظيم جلال الدين الحمامصي.
دخلت من باب الشقة التي كانت مكتبا لشادي لأجد علي يميني حجرة مفتوحة علي صالة بعدها.
في هذه الحجرة وجدت منضدة كبيرة عليها »أباجورة« مضاءة يقف بجوارها شاب منكب علي ورقة رسم عليها مسطرة طويلة وممسك بيده قلم رصاص سلمت عليه فعرفني بنفسه: صلاح مرعي.
لم تكن انحناءته علي المنضدة تظهر طوله الفارع ولا وجهه الخمري، لكن شعره الطويل نسبيا كان ظاهرا عرفت أنه يساعد شادي في تصميم الديكور والاكسسوارات وأن شادي كان أستاذا له في قسم الديكور بمعهد السينما.
بعد قليل دخلت سيدة رقيقة الجسد والروح تحمل علي يدها طفلا رضيعا عرفني عليها بأنها زوجته »رحمة منتصر« التي اشتهرت فيما بعد بكونها من أفضل فناني المونتاج السينمائي وأن الرضيع الذي تحمله علي يديها هو ابنه الأول.
هكذا بدأت رحلة صداقة بيني وبين أسرة صلاح مرعي واقع الأمر ان ارتباطي في السنوات الاولي من هذه الصداقة كانبشادي نفسه الذي كان أستاذا في نسج الصداقة مع تلاميذه تعرفت عليه كصحفي شاب في مقتبل حياته واستمرت علاقتي به حتي مات كنت اذهب إليه في كل الأماكن التي يعمل فيها: مكتبه بوسط المدينة وستديو نحاس واستديو مصر ومركز الفيلم التجريبي الذي أداره في أكاديمية الفنون بالهرم هناك أيضا رأيت الممثل الرائع أحمد زكي لأول مرة.
في كل هذه الأماكن كنت ألتقي بصلاح مرعي كان اقرب لي سنا من شادي وكان يعمل معه في تلك الفترة في تصميم ديكورات واكسسوارات فيلم »إخناتون« الذي كتب له القصة والسيناريو شادي عبد السلام ولم ير النور أبدا.
في سنوات التسعينيات من القرن الماضي كنت مديرا لصندوق التنمية الثقافية وجاءني صلاح ذات يوم يحمل معه سيناريو فيلم »إخناتون« كان شادي قد توفي، وقال لي صلاح فيما اذكر أنه اقترح علي أخوة شادي بأن تقوم وزارة الثقافة ممثلة في الصندوق بإنتاج الفيلم بمفردها ان تمكنت أو بمشاركة أي طرف آخر تتفق معه وأكدت لي أخت شادي وأخوه هذا الاقتراح لكن الصندوق لم يتمكن من إنتاج هذا الفيلم ولم يجد من ينتجه أو يشارك في إنتاجه ربما بسبب عوامل ثلاثة:
- اشتراط صلاح وأسرة شادي بالالتزام التام بالسيناريو الذي كتبه شادي وبدون أدني تغيير.
- صعوبة العثور علي مخرج ينفذ هذا السيناريو غير شادي نفسه حتي إننا فكرنا في أسماء مخرجين أجانب رغم وجود رفض لفكرة أن يقوم مخرج أجنبي بإخراج الفيلم.
- ضخامة ميزانية إنتاج مثل هذا الفيلم والتي لم تكن تقدر عليها شركات الانتاج المصرية ولا وزارة الثقافة.
خلال فترة إدارتي لصندوق التنمية الثقافية نظمت مهرجان السينما الروائية ثم انضمت اليه أفلام التسجيلية ليصبح اسمه »مهرجان السينما المصرية« وذلك قبل أن تنفصل السينما التسجيلية مرة أخري وتدخل في مهرجان »الاسماعيلية الدولي للسينما التسجيلية« الذي نظمه صندوق التنمية الثقافية أيضا وشغل فيه صلاح منصب نائب رئيس المهرجان وتعاون معي أكثر من مرة علي ما أذكر في مهرجان السينما المصرية وشارك في عضوية لجنة التحكيم وعندما بدأ الصندوق ينظم سمبوزيوم النحت الدولي في أسوان بقيادة النحات الكبير آدم حنين ساعده من أول عام صديقنا المشترك الفنان صلاح مرعي.
أظهر صلاح مواهب متعددة علي ارفع مستوي في تنظيم هذا السمبوزيوم كان يشارك في النواحي الادارية والتنظيمية والفنية والمطبوعات ويخرج حفل الختام ولا أنسي ذات مساء ونحن في حديقة الفندق الذي يقيم فيه المشاركون في السمبوزيوم بأسوان رأيت ابن وبنت صلاح وكانا صغيرين يساعدانه في تعليق أضواء ملونة وتوزيعها علي شجر الحديقة كان نموذجا في التواضع ورقة المشاعر وكان فياضا بمشاعر الحب يغدق بها علي كل من حوله.
وكانت تجربته الوحيدة في الاخراج السينمائي هي فيلم تسجيلي عن السمبوزيوم ذاته وسماه »آفاق 69«.
وحتي بعد ان توليت رئاسة الجهاز القومي للتنسيق الحضاري استعنت بصلاح مرعي في عضوية لجنة علمية لوضع أسس ومعايير التنسيق الحضاري للإضاءة والإنارة الخارجية رأس هذه اللجنة صديقي القديم الأستاذ الدكتور بهاء مدكور أستاذ الكهرباء بكلية الهندسة جامعة القاهرة وزامله فيها الصديق القديم فنان كاميرا السينما رمسيس مرزوق وقد صاغت هذه اللجنة أول دليل في مصر وربما في العالم العربي وأفريقيا يوضح أسسا علمية ومعايير فنية لإنارة الشوارع والميادين وإضاءة الواجهات والأعمال الفنية الموجودة في الفراغ العام في مصر واستغرق عملها أكثر من عام.
كل هذا ولم ينفك صلاح عن العمل في السينما المصرية لكنه كان شديد العناية باختيار الأفلام التي يعمل فيها لذلك لم تتجاوز هذه الافلام الثلاثين فيلما علي ما أعتقد طوال حياته كلها من الأفلام المتميزة في تاريخ السينما المصرية مثل أفلام »الجوع، الساحر، عفاريت الاسفلت، أبناء الصمت، وبحب السينما« وغيرها، لم يكن تجاريا يسعي للكسب المادي، علي العكس كان زاهدا في المال ولم يخلف وراءه ثروة تذكر غير ولديه وزوجته، وهم ثروة لا تقدر بمال وفي سنواته الأخيرة أطلق العنان للحيته البيضاء تغطي وجهه واعتقد انه أطلقها أيضا كتعبير عن الزهد.
كان آخر فيلم عمل فيه صلاح مرعي، وهو فيلم »زهايمر« تجسيدا لأخلاقه الرفيعة وروحه النادرة كان يعمل ويعالج من مرضه العضال كان ينتقل بالسيارة بين البلاتوه حيث يصور الفيلم، والمستشفي حيث يتلقي العلاج محتفظا بابتسامته المحببة محافظا علي شموخه الإنساني ومبدعا ببساطة أروع ما تكون.
كان صلاح طوال السنوات الطويلة التي عرفته فيها واحدا من أنبل خلق الله يتمتع بصدق تلقائي يعبر عنه بصوته الخفيض الذي لم أسمعه عاليا أبدا. واحد كان قادرا علي ان يجذب إليه كل من يعرفه ببساطة آثرة. لذا كان واحدا من القلائل الذين رأيت كل من عرفوه يجمعون عليه بلا اختلاف.. هكذا كان صلاح مرعي، وهكذا سيظل ويبقي في قلب كل من عرفوه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.