برزت ظاهرة جديدة أتسمت بها الأعمال الإرهابية التي حدثت مؤخرا في العالم، وهي ظاهرة «الأخوة الإرهابيين»، أي أن يكون المهاجمون إخوة، أو أن يظهر أحدهما في فترة لاحقة، ضمن عمل إرهابي جديد. لفتت ظاهرة «الإخوة الإرهابيين» نظر الصحافة الغربية ومراكز الأبحاث بعد ان بدأت في الانتشار بشكل واسع، خلال الأعوام الأخيرة الماضية في أماكن مختلفة في العالم، دون تفسير واضح للأسباب التي تؤدي إلي تحول شقيقين معا للتطرف، إلي الدرجة التي تدفعهما لمحاولة تفجير نفسيهما معا. عندما أعلنت السلطات البلجيكية عن منفذي هجمات بروكسل الأخيرة، قدمت اسمي الشقيقين إبراهيم وخالد البكراوي، لينضما بذلك لقائمة «الإخوة الإرهابيين» الطويلة. فالأخوان إبراهيم وخالد بكراوي، لم يكونا الوحيدين اللذين لهما رابط أخوي. ففي فرنسا مطلع عام 2015، اتهمت السلطات الفرنسية سعيد وشريف كواشي بالهجوم علي صحيفة شارلي إيبدو. كما أن صلاح عبد السلام، والذي ألقت الشرطة البلجيكية القبض عليه بتهمة المشاركة في هجمات باريس في نوفمبر 2015، هو أيضا شقيق إبراهيم عبد السلام، أحد الانتحاريين في هجمات باريس، والتي خلفت حوالي 130 قتيلا. وفي العام ذاته، اعتقلت وزارة الداخلية السعودية سعد العنزي (21 عاما)، وقتلت شقيقه عبدالعزيز (18 عاما)، المنتمين لتنظيم داعش، بعد قتلهما ابن عمهما مدوس العنزي، أحد عناصر القوات المسلحة السعودية. ولم تقتصر الأمثلة علي ما سبق، ففي 2013 ألقيت مسؤولية تنفيذ هجومين علي ماراثون في مدينة بوسطنالأمريكية علي شقيقين من أصل شيشاني هما جوهر تسارنييف وتمرلان تسارنييف. وهناك حالة خاصة لفتت النظر إليها وهي التحاق الطفل يونس أباعود (13 عاما) بأخيه عبد الحميد أباعود، العقل المدبر لهجمات باريس، بتنظيم «داعش» بسوريا. ومن وجهة نظر الجماعات الإرهابية، فإن إشراك أعضاء الأسرة يمكن أن يساعد علي التزام المشاركين، وأيضا زيادة احتمالية نجاح العمليات التي يتم تنفيذها. الكثير من الإخوة يتم تجنيدهم في الجماعات الإرهابية معا، وعادة ما يسهل الأخ الأكبر دخول أعضاء العائلة الأصغر، فهناك الشقيقتان البريطانيتان زهرة وسلمي هالان، اللتان وصلتا إلي سوريا عام 2014 وحاولتا أن تجندا شقيقتهما الأصغر للانضمام إليهما. وأثبتت الإحصائيات أن الأمر ليس مجرد ظاهرة عشوائية، فست من بين 19 من منفذي هجمات سبتمبر 2001، كانوا أشقاء، ووفقا لأحد الأبحاث، فإن حوالي 20 إلي 30% من الأعمال الإرهابية يشارك فيها أفراد من نفس العائلة. وأظهر بحث أجرته منظمة أمريكا الجديدة ان ربع المقاتلين الغربيين في تنظيم «داعش» لهم أقارب انضموا إليهم في فترات لاحقة. كما أن دراسة أجرتها جامعة ولاية بنسلفانيا الأمريكية اشارت ان 46٪ من 120عملية إرهابية تمت دراستها، أظهرت وجود معرفة مسبقة لأحد أفراد أسرة المهاجم بهذه العمليات. وعندما ينضم أفراد من نفس العائلة لجماعات إرهابية، يتم استخدامهم معا في نفس العملية، وإن كان في مواقع مختلفة. ويبدو أن هذا ما حدث مع الأخوين البكراوي في بلجيكا، وقد حدث هذا في روسيا عام 2004. حيث قامت امرأة شيشانية تدعي أمانتا ناجاييف بتفجير نفسها علي طائرة وقتلت كل من كان علي متنها، بينما قامت شقيقتها بقتل نفسها و10 آخرين في محطة مترو في غضون أسبوع. فعندما يكون الانتحاريون من نفس العائلة، يضمن كل واحد أن الآخر لن يعدل عن رأيه في اللحظة الأخيرة أو يقوم بإبلاغ السلطات عن الجماعة. من جانبها ذكرت صحيفة واشنطن بوست إن هجمات بروكسل كانت ثالث حادث إرهابي في أوروبا في أقل من عام يشارك فيه شقيقان، مما يثير تساؤلات عن كيفية تحول الأفراد إلي التطرف وما يمكن أن تفعله السلطات لوقف هذا. وتساءلت صحيفة «لوس أنجلوس تايمز» الأمريكية عن السبب وراء كون أغلب منفذي الهجمات الإرهابية في أوروبا أخوة. ونقلت الصحيفة عن جون هورغان، أستاذ علم النفس في جامعة ولاية جورجيا قوله: «لقد رأينا ذلك عبر مجموعات متنوعة من المنظمات الإرهابية العرقية والقومية، من الجيش الجمهوري الإيرلندي ونمور التاميل، وصولاً إلي الحركات الجهادية لتنظيم القاعدة وداعش اليوم». وأضاف: «نحن ما زلنا نحبو عندما يتعلق الأمر في فهم ديناميكيات الأسرة والإرهاب، فغالباً ما يميل الإخوة للانخراط في الإرهاب لأنهم يشتركون في رباط وثيق ويخضعون لمؤثرات بيئية مماثلة وأنهم قد يقضون الكثير من الوقت مع نفس الأشخاص وربما يدخلون علي مواقع إنترنت متشابهة». كيف تتولد الظاهرة ؟ ظاهرة استقطاب الأخ للمشاركة في عمليات إرهابية لها عدة مسببات، منها أن يكون هؤلاء الإخوة تربطهم علاقة قوية، ف»هنالك أشقاء، واجهوا أثناء طفولتهم مشاكل كثيرة مع الأسرة، مما ولد بينهم علاقة قوية، شجعتهم علي المضي قدما بشكل مشترك. من ناحيته يري الباحث في شؤون الإرهاب ألبريخت متسغر، أن بروز «ظاهر الأخوة الإرهابيين» هي شيء منطقي، طبقا للطريقة التي يتم بها الاستقطاب بين الإرهابيين. وبحسب الباحث الألماني، فإن ظاهرة الاستقطاب، تتم دائما عبر ما يسمي «الدوائر الضيقة»، وهو مصطلح يعني بأن يتم التأثير من الإرهابي علي الدائرة القريبة منه، والتي لها أهمية له، ويكون قادرا علي التواصل معها بحرية، دون خوف من الملاحقة.