لفت نظري في الفترة الماضية المبادرات الإيجابية التي يقوم بها الشباب من أجل تغيير وجه مصر . الأمثلة عديدة شباب يقوم بطلاء الأرصفة وتجميل الشوارع الرئيسية وإزالة القمامة وهذا كله شئ مبشر بروح جديدة تعكس الرغبة في المشاركة الحقيقية من الشباب في صنع المستقبل.لكن هل يكفي تجميل الشوارع الرئيسية بينما تمتلئ الشوارع الجانبية والأحياء العشوائية بالقمامة والفوضي؟ّ!. كذلك ألاحظ أن المبادرات كثيرة لكنها مبعثرة تأتي من انعدام التخطيط وتوزيع الأدوار واستغلال الروح الحماسية الموجودة الآن لدي قطاعات عريضة من الشعب المصري وخاصة الشباب ، واعتقد أن الأمر في حاجة إلي قيادة توظف هذه الروح وتستغل تلك الطاقة الهائلة في بناء جديد يقوم علي أساس من التخطيط الذي طالما عانينا من غيابه وطالبنا بوجوده ونحن نفكر في مصر المستقبل. المبادرة التي استوقفتني وأعجبتني طرحتها صفحة علي الفيس بوك بعنوان "بنك أفكار الثورة" يدعو فيها مؤسسها كل مواطن مصري إلي تقديم فكرة مدروسة وقابلة للتطبيق - مهما كانت صغيرة- ويطلب من رجال الأعمال أن يختار كل منهم الفكرة الصغيرة التي يريد أن يتبناها وبهذا تقوم تلك الصفحة الإليكترونية بدور إيجابي وعميق في طرح أفكار حقيقية تسهم في تغيير جذري في مشاكل المجتمع وتقوم كذلك بدور حلقة الوصل بين الأفكار الجديدة المدروسة وبين القادرين علي تحويل تلك الأفكار إلي مشروعات قائمة تحل الكثير من المشاكل العديدة التي يعاني منها الشعب. مثلاً طرحت الصفحة فكرة بسيطة وجميلة وهي أن يقوم عشرة شباب في شارع من شوارع مصر - أي شارع - بمحو أمية مائة من الأميين المقيمين في نفس الشارع ويتقاضي الشاب الذي يقوم بمحو الأمية راتباً شهرياً ويوقع عقداً سنوياً يتعهد فيه بأنه في نهاية العام يكون قد انتهي من محو أمية عشرة أشخاص وكذلك يتقاضي الأمي أو الأمية مبلغاً شهرياً خلال هذه الفترة يحفزه علي استكمال التعليم ويعوضه عن الدخل البسيط الذي يحصل عليه من مهنته أو حرفته حيث أن معظمهم يعملون بمهن بسيطة بدخول زهيدة وبهذه الفكرة الصغيرة نحصل في نهاية عام واحد وفي شارع علي الآتي: محو أمية مائة شخص وتعيين عشرة شباب في مهنة محترمة لها رسالة نبيلة .. هذا مثال لما تقدمه صفحة "بنك أفكار الثورة". أتمني أن يشارك الجميع في تقديم الأفكار البناءة المحددة وأن يتبني أحد رجال الأعمال المخلصين للوطن هذه المبادرة الشبابية وأن يضع لها آليات التنفيذ حتي تخرج من إطار الأفكار إلي فضاء الأحلام الممكنة. أتمني رؤية أفكار تهتم بالأحياء العشوائية والمصريين الساكنين بها وتحويلها إلي كيانات منتجة ولنا في الصين وماليزيا قدوة ، بإنشاء صناعات صغيرة جداً ذ مايكرو- داخل البيوت يستطيع بها الفرد تأمين لقمة عيشه وينصرف إلي انشغال حقيقي بالاستثمار والطموح لأن يكبر مشروعه الصغير بدلاً من تبديد الطاقة في التظاهرات والإعتراضات التي لا تقدم بديلاً أو طرحاً مختلفاً لما هو حاصل. بالأفكار تتقدم الأمم وليس بالشعارات أو الهتافات وما أحوجنا الآن إلي التركيز والتفكير الهادف إلي تحقيق إنجاز يتجاوز الكلام والصراخ ويعبر مرحلة الانتقادات وتصفية الحسابات. وأنا أدعو شباب مصر الواعد إلي الإيمان بالفكر كمحرك لأعظم طفرات في تاريخ البشرية وأذكرهم بأن أكبر الاختراعات التي غيرت وجه الحياة بدأت بفكرة صغيرة آمن بها صاحبها وتفاني من أجل أن تخرج إلي النور. فكروا وأبدعوا وأخلصوا لأفكاركم وادفعوها بكل قوة إلي دائرة النور. ادعوكم إلي أن تكونوا المؤسسين الأوائل لدولة الأفكار وابدأوا من الآن واطرحوا أفكاركم علي صفحة "بنك أفكار الثورة" علي الفيس بوك.