تخوّف البعض من أن التشكيل الجديد ل »لجنة التعديلات الدستورية« قد لا يحقق ما ينتظره الشعب من تعديلات بالغة الأهمية طال انتظارها لمواد عديدة في الدستور. استمعنا، وقرأنا، لمفكرين لامعين أرجعوا هذا التخوف إلي وجود عضو جماعة الإخوان في تشكل اللجنة. وردت القيادة العسكرية العليا- بلسان متحدث باسمها- بأن اللجنة تضم أساتذة خبراء الفقه الدستوري، قد تختلف التوجهات الشخصية لبعضهم، لكنهم جميعاً يضعون مصالح ومطالب الشعب فوق أي اختلاف في الرأي. وبالأمس.. أقرت القيادة العليا التعديلات الدستورية كما توصلت إليها اللجنة برئاسة الأستاذ المستشار طارق البشري. وهي ما لقيت ترحيباً واسعاً لدي المواطنين، من بينهم من كان- حتي الأمس- يتوقع غيرها. حسناً فعل زميلنا في »الأخبار« خالد ميري عندما استطلع، أمس، آراء واقتراحات وتعليقات العديد من القانونيين والسياسيين والمفكرين والنقابيين، علي التعديلات الدستورية الأخيرة. فالأستاذ الدكتور أحمد كمال أبوالمجد ركز ترحيبه بالتعديلات التي أجريت علي المادة الخاصة بفترة الرئاسة التي كانت 6سنوات فأصبحت الآن4سنوات فقط ، ويمكن لرئيس الجمهورية إعادة ترشيح نفسه لفترة تالية.. لا تتكرر. هدف هذا التعديل كما قال، بحق: د. أبو المجد هو »تثبيت مبدأ تداول السلطة«. وهو المبدأ الذي يرتبط أساساً بتعدد الأحزاب التي تتنافس فيما بينها علي الترشيح في الانتخابات التشريعية، والحصول علي الأغلبية البرلمانية التي تتيح لمن يحظي بها من الأحزاب حق تشكيل الحكومة، وحق ترشيح أبرز رموزه وأكثرهم شعبية في الانتخابات الرئاسية. هذا ما يحدث في كل الدول العريقة في ديمقراطيتها، والأخري حديثة الأخذ بها. مصر الديمقراطية- منذ عقود عديدة ماضية- عرفت تعدد الأحزاب لكنها لم تشهد تداول السلطة حتي الآن. تعديل المادة الدستورية التي حددت فترة الرئاسة بأربع سنوات فقط، ويمكن مدها لمرة واحدة، أعاد الأمل لكل الأحزاب وللمستقلين لخوض الانتخابات الرئاسية ليختار الشعب أفضلهم وأكثرهم شعبية لتولي منصب رئيس الجمهورية.. مما يؤكد ما قاله الدكتور أحمد كمال أبوالمجد، للزميل خالد ميري بأن تعديل تلك المادة هو »تثبيت مبدأ تبادل السلطة«.. من الآن فصاعداً. التعديل الدستوري تضمن وجوب تعيين رئيس الجمهورية المنتخب نائباً له بعد فترة معقولة. وقد أيد د. أبو المجد هذا النص، باعتباره »أرشد وأصلح« من الحل الآخر الذي يتم فيه انتخاب رئيس الجمهورية ونائبه في آن واحد كما يحدث في الولاياتالمتحدة علي سبيل المثال. كنت أتمني- مع الاعتذار للدكتور أبو المجد- لو أن اللجنة المكلفة بإجراء التعديلات الدستورية أخذت بالحل الثاني الذي يجمع المرشح للرئاسة مع المرشح كنائبه في بطاقة انتخابية واحدة، ليأتي الاثنان باختيار وإرادة الشعب بدلاً من أن تترك مسئولية اختيار نائب رئيس الجمهورية لرئيسها وحده. هناك فرق بين نائب رئيس يأتي بإراده الناخبين وبين نائب يدين بالفضل الأوحد لمن منحه هذا المنصب. الآراء والتعليقات علي ما توصلت إليه التعديلات الدستورية الأخيرة.. كثيرة، وتتكاثر يوماً بعد يوم. وهذا هو ما تنتظره القيادة العليا للقوات المسلحة من الشعب أملاً منها في موافقة الأغلبية الشعبية عليها، من جهة، والترحيب في الوقت نفسه بتلقي اقتراحات يطلب فيها مواطنون تعديل مادة أو أكثر من تلك المواد التي تم بالفعل تعديلها.