الفشل يبقي يتيما بينما للنجاح مائة أب.. وقد أكدت ثورة الشعب في 52 يناير أن هذه المقولة صحيحة. ونحن نشهد ذلك الطابور الممتد من المنظرين والمحللين ونرصد من يزعمون بأنهم لم يبرحوا ميدان التحرير منذ اليوم الأول وحتي »جمعة معركة منصة التحرير« التي شهدت ترتيبا محكما لاختطافها الي مربع الاخوان وما يستتبعه من صبغها بصبغة طائفية.. في استغلال لطبيعة يوم الجمعة واستحضار الشيخ القرضاوي وتقديمه بصورة تحاكي مشهد عودة آية الله الخوميني لإيران.. وضرب طوق أمني من عناصر الاخوان حال بين اعتلاء شباب الثورة منصة التحرير بحسم وعنف، ورغم ذلك لم تنجح اصواتهم العالية والمدربة في فرض شعاراتهم علي طوفان الشباب الذي تمسك بمصرية ثورتهم، وكان هدير الشباب يشق عنان سماء تحرير »مصر.. مصرية، مدنية.. مدنية«. وغير بعيد عن المشهد تخرج علينا أصوات تتسم بالاحترافية من بعض الرموز القبطية التي دأبت علي استثمار الهم القبطي وتغازل الوجدان القبطي الملتهب لتعلن انها تتحدث باسم الاقباط وتصر علي »طوأفة« مطالبهم وحقوقهم المنتقصة، في مخالفة فجة للزخم الوطني الذي يحتشد به واقع الحراك الثوري المصري والذي امتزج فيه دم المسلم والقبطي ليروي نبتة المواطنة ويبعث الحياة في عودة الروح المصرية ويؤكد الالتحام الشعبي الحقيقي غير المسيس.. وبين هؤلاء وأولئك يخرج علينا في تثاؤب بعض من القيادات الكنسية من المنتمين لجيل تجاوزته معطيات الحداثة ليحرموا الاقباط من حقهم في تفجير ثورة التغيير غير مقدرين فداحة الانعزال عن اللحظة التاريخية تلك وما يترتب علي هذا من تداعيات تنتقص من وطنية الاقباط.. وإن ذهبت محاولاتهم ادراج الرياح تحت زحف شباب المصريين »الاقباط« ووجودهم الفاعل منذ لحظة انطلاق شرارة التحرير الأولي.. واستغرب البعض من انتقال تلك القيادات بدم بارد الي خانة المؤيدين للثورة بل والمباركين لها بعد إن فرض الشباب انتصارهم ورؤيتهم، ولم أكن من المستغربين وعندي اسبابي بحكم قراءتي لنسق التفكير السائد خلف اسوارهم العالية والعاتية والتي تتوجس من ان تطالهم رياح التغيير والتي تدق ابوابهم بعنف.. المثير للقلق- وسط محاولات التوافق بين السلطة والشباب- ان يبادر وزير الداخلية بزيارة الكاتدرائية في رسالة لا تخطئها عين المراقب بأن ثمة استرضاء لها وخطب ود الاقباط، الامر الذي يقول بأن شيئا لم يتغير في نظرة السلطة- المجددة - لمن يمثل الاقباط، والاصرار علي ان تكون الكنيسة هي الممثلة للاقباط، وكأن درس التحرير لم يستوعب بعد وكأن الانصهار الوطني لم يحررنا من نظرية »عنصري الامة« و»الاخوة الاقباط« وكأن الاقباط رعايا في دولة أو جالية في وطن لهم من يمثلهم!!.. ونناشد وسائل الاعلام المختلفة عدم المشاركة في ترسيخ الطائفية عبر تقديم شخصيات بعينها تزعم تمثيلها للاقباط الامر الذي يعيد تقسيم الوطن علي اسس طائفية. فالمواطنة لاتعرف سوي المرجعية الدستورية المدنية« انتبهوا ايها السادة فالأمر جد خطير..