نصف مفاجأة ونصف نتيجة متوقعة.. هذا ملخص الجولة الثانية للانتخابات التمهيدية للرئاسة الأمريكية، التي جرت في ولاية نيوهامبشاير مؤخرا، ففي المعسكر الديموقراطي فاز بيرني ساندرز علي منافسته هيلاري كلينتون بنسبة 58% مقابل 38% من إجمالي الأصوات، وهوفوز كان متوقعا. وعلي صعيد الجمهوريين حقق المرشح المثير للجدل دونالد ترامب فوزاً كاسحاً بنسبة 35%، ليعوض بذلك خسارته في الجولة الأولي بولاية آيوا، وكانت المفاجأة الثانية احتلال جون كاسيتش حاكم ولاية أوهايو، المركز الثاني برصيد 16%، تلاه تيد كروز ب11%. الهزيمة الساحقة في نيو هامبشاير لهيلاري كلينتون دفعتها إلي تغيير نبرة خطابها بالابتعاد عن التركيز علي قضايا المرأة التي دأبت عليها في الفترة الماضية، فأكدت في أولي خطبها بولاية نيفادا، التي ستشهد الجولة الثالثة الجمعة المقبل: « لا أطلب من الناس انتخابي لأنني امرأة، ولكن لأنني الأكثر خبرة وكفاءة واستعدادا وجاهزية لأكون رئيسة لأمريكا وقائداً أعلي للقوات المسلحة»، وهنا قاطعها منافسها ساندرز محذراً: « أنت لم تصبحي بعد رئيسة لأمريكا.. انتظري لنحكم علي ذلك». كان الملاحظ علي هيلاري مؤخراً تركيز حديثها علي الرئيس أوباما وامتداح سياساته، حيث مازال هذا الأخير يحظي بشعبية طاغية في أوساط الأمريكيين السود وذوي الأصول الإسبانو-لاتينية، ولا مجال للتعجب من ذلك حيث تشكل هذه الأعراق الغالبية من سكان ولايتي نيفادا وكارولينا الجنوبية التي ستشهد الجولة الرابعة من الماراثون الرئاسي بعد أسبوع واحد من التصويت في نيفادا. هيلاري اعتمدت علي أوباما أيضاً للرد علي انتقاد دائماً ما يوجهه لها ساندرز، وهو علاقاتها بكبريات البنوك ودوائر رجال المال والأعمال، حيث أوضحت أن علاقة أوباما بهذه الأوساط هو ما ساعده علي تدارك تبعات الأزمة المالية التي عصفت بأمريكا عام 2008 علي إثر أزمة الرهن العقاري. قبل الذهاب إلي نيفادا يبقي السؤال: لماذا تستمر ظاهرة دونالد ترامب؟ الإجابة تكمن في أن أغلب جمهوره من البيض غير حاملي الشهادات الجامعية وذوي الأجور المتدنية، وانجذب هؤلاء لخطاب ترامب الذي وصف فيه امريكا بأنها «ضحية لاتفاقيات تبادل تجاري قننت لشركات أمريكية فتح فروع لها في دول أخري بحجة أن اليد العاملة فيها أقل تكلفة»، كما أن تدني أجور هؤلاء مرده إلي «الهجرة التي لا تريد الدولة السيطرة عليها»، حيث يحصل المهاجرون، لا سيما المقيمين بشكل غير قانوني، علي أجور أقل من المواطنين الأمريكيين الذين يجدون أنفسهم مضطرين للقبول بأي أجر يُعرض عليهم. وكان ترامب قد وعد الامريكيين « إذا ما تم انتخابي رئيسا فسوف أعيد جميع اللاجئين السوريين الذين استقبلتهم امريكا، أو تنوي استقبالهم، إلي بلادهم». المعجبون بترامب، هم أولئك الخائفون من النُخب التي تنساهم دائما بل تضحي بهم، ويستمتعون برؤيته وهو ينكل بوسائل الإعلام.