انطلقت أمس عملية الاقتراع في أول انتخابات تجري في السودان نحو ربع قرن ستختبرالوحدة الهشة لأكبر دولة في افريقيا وإن كانت شابتها بالفعل مزاعم بالتزوير. وفتحت مراكز الاقتراع وعددها 1300 في ولايات البلاد الخمس والعشرين ابوابها في الساعة الثامنة صباحا في الشمال كما في الجنوب، لكن الناخبين لم يبدأوا بالادلاء باصواتهم الا بعد ربع ساعة حيث كان الموظفون لا يزالون منهمكين في فتح دفاتر التصويت ورزم بطاقات الاقتراع وصناديق الاقتراع المصنوعة من البلاستيك. وشهدت بعض مراكز الاقتراع فوضي إذ تعين علي سلفا كير رئيس حكومة جنوب السودان الانتظار 20 دقيقة تحت شجرة حتي يفتح مركز الاقتراع الذي سيدلي فيه بصوته في جوبا عاصمة الجنوب وأفسد بطاقة اقتراعه الأولي عندما وضعها في الصندوق غير المخصص لها. وساد الشوارع هدوء غير معتاد وسط وجود مكثف للشرطة. وذكرت تقارير بحدوث تأخيرات وخلط في بطاقات الاقتراع وعدم وجود بعض الاسماء علي قوائم الناخبين في مناطق أخري. وادلي سلفا كير بصوته في وسط مدينة جوبا عاصمة الجنوب المتمتع بحكم شبه ذاتي منذ التوقيع علي اتفاق السلام مع الشمال في 2005.. وينافس سلفا كير علي رئاسة حكومة الجنوب لام اكول زعيم الحركة الشعبية-التغيير الديمقراطي.وقال سلفا كير اثر خروجه من مركز الاقتراع وهو يرتدي قبعته الشهيرة ويحمل عصاه، "لقد ادليت بصوتي، من دون اي مشكلة. لم يسبق لي ان انتخبت في حياتي."معربا عن امله في ان تكون هذه بداية تكوين العملية الديمقراطية في جنوب السودان.وطبعت بطاقات الاقتراع بالعربية في جنوب السودان حيث الانجليزية هي اللغة السائدة الي جانب لغات محلية اخري، ويشكل تنظيم الانتخابات السودانية جزءا من اتفاقية السلام التي تنص علي ان ينظم بعدها استفتاء مقرر في مطلع العام المقبل سيقرر فيه سكان الجنوب بشأن بقائهم ضمن السودان الواحد او الانفصال عنه. وتقدم لهذه الانتخابات في الاجمال 14 الف مرشح، ويشرف عليها اكثر من 300 مراقب من الاتحاد الاوروبي والجامعة العربية ومؤسسة الرئيس الاميركي الاسبق جيمي كارتر، ومن اليابان والصين. وادلي الرئيس السوداني عمر البشير بصوته في مدرسة سان فرانسيس بالقرب من منزله بوسط الخرطوم وسط توقعات باحتفاظه بمنصبه الرئاسي الذي يتولاه منذ انقلاب 1989.وحيا الرئيس السوداني الذي كان يرتدي الجلباب التقليدي وعمامة بيضاء الحشد بقوله "الله اكبر" رافعا يده ليظهر اصبعه الملطخ بالحبر لدي خروجه من مركز الاقتراع .وسار حشد من انصار البشير خلفه واحاطوا بسيارته وهم يهتفون "الله اكبر". وفي الخرطوم وقف الناخبون أو جلسوا في صفوف طويلة لأكثر من ساعة ليشاركوا في عملية التصويت المعقدة التي يتسلم الناخبون فيها ثماني بطاقات اقتراع في الشمال و12 في الجنوب.. ووفرت شركات الحافلات مزيدا من المركبات مع مغادرة عدد ضخم من السكان للمدينة بعضهم خشية وقوع اعمال عنف. وفي منطقة دارفور بغرب السودان نقلت جماعات اغاثة موظفين من المناطق النائية الي المدن تحسبا لوقوع اضطرابات. ومن جانبه قال كارتر الذي تراقب مؤسسته الانتخابات بعد تفقده مركز اقتراع في العاصمة السودانية "اعتقد ان مفوضية الانتخابات قامت بعمل جيد رغم ان نقل المواد الانتخابية بطيء، لكن لديهم ثلاثة ايام لتصحيح الوضع".وتقاطع بعض احزاب المعارضة الرئيسية الانتخابات لكن اسماء مرشحيها بقيت علي بطاقات الاقتراع لانها اعلنت الانسحاب بعد المدة المحددة لذلك. وقال كارتر "لا تزال اسماء جميع المرشحين علي بطاقات الاقتراع"، واعتبر كارتر أن المنافسة ستكون حامية ما عدا بالنسبة للانتخابات الرئاسية التي يعتبر الفوز فيها مضمونا للرئيس عمر البشير.واكد كارتر انه اذا قبل الفائزون والخاسرون نتيجة الانتخابات بحسن نية فان السودان سيشهد مرحلة انتقالية هادئة من الان وحتي يناير المقبل.واعرب عن امله في ان تجري الانتخابات وفق المعايير الدولية. واستعرضت المفوضية القومية للانتخابات في السودان في مؤتمر صحفي عقدته امس الاول تفاصيل العملية الانتخابية. وفيما يتعلق بالمرشحين الذين أعلنوا مقاطعتهم العملية الانتخابية، قالت المفوضية إن أي اسم موجود علي قائمة المرشحين يعد صحيحا. واعتبر عضو المفوضية القومية للانتخابات مختار الأصم أن نظام الانتخابات الحالي "هو الأكثر انضباطا علي مستوي العالم". ونفي أن يكون للمفوضية أي انتماء لأي حزب سياسي. واشتكي الحزب الاتحادي الديمقراطي (الأصل) من عدم تسلمه بطاقات مندوبيه حتي امس، مشيرا إلي ما سماها بالمؤامرة الكبري، وقال عضو الهيئة المركزية للحزب علي نايل إن حزبه "يري أن هذه العملية واحدة من ممارسات التزوير التي درج عليها المؤتمر الوطني بمساعدة مفوضية الانتخابات". ومن جهة أخري اعلنت أول مرشحة للرئاسة إنها تعرف أنها لا تملك أي فرصة للفوز علي الرئيس السوداني عمر البشير، لكنها تعتبر أن محاولتها الطموحة ستسمح للأجيال القادمة من النساء بمشاركة أكبر في خدمة البلاد.وقالت المرشحة فاطمة عبد المحمود إن حزبها الصغير (الاتحاد الاشتراكي الديمقراطي) يسعي لتحقيق المساواة في الحقوق بالنسبة للمرأة في أكبر دولة في أفريقيا.