في ذكراها ال11.. 25 صورة توثق احتفالات ثورة 30 يونيو 2013 بالأقصر    السكة الحديد توقع اتفاقية مع شركة إيطالية للتحكم في مسير القطارات    محافظ كفرالشيخ يتابع أعمال إنشاء كورنيش وممشى بحر تيرة بالحامول بطول 900 متر    رئيس جامعة مصر للمعلوماتية: الدولة تستخدم الذكاء الاصطناعي لتوثيق وترميم الآثار وإدارة المتاحف منذ التسعينيات    الانتخابات الفرنسية تثير قلق أوروبا.. هل يتأثر دعم أوكرانيا؟    متفوقًا على الجميع.. رقم قياسي ل عبدالله السعيد مع الزمالك    «رد رسمي».. عضو الزمالك يكشف آخر تطورات ملف تجديد زيزو    تهشم 5 سيارات ملاكي إثر حادث تصادم في التجمع الخامس    ضبط 3 أشخاص بتهمة النصب على صاحب معرض أدوات منزلية بالجيزة    واقعة في دولة عربية .. حقيقة تداول فيديو لسائق يستعرض بسيارته ويعرض حياة المواطنين للخطر    الداخلية: ضبط 8 عصابات و211 سلاحا ناريا خلال يوم    بعد إعلان زواجها.. تعرف على أبرز المعلومات عن عمر الدهماني زوج نجوى كرم    رئيس حزب الريادة ل"إكسترا نيوز": ثورة 30 يونيو أنقذت مصر من الفاشية الدينية    تصرف مفاجئ من محمد رمضان تجاه أنغام خلال حفله بمهرجان موازين.. ماذا فعل؟    خدمة الطوارئ لكبار السن وذوي الهمم تستقبل أول حالة بشمال سيناء    رئيس جامعة المنوفية: بدء اتخاذ الإجراءات اللازمة لإنشاء معهد الأورام    محافظ الإسكندرية يطلق حملة من بدري أمان للكشف المبكر وعلاج الأورام السرطانية المختلفة    رئيس الاتحاد السكندرى: تعرضنا لظلم تحكيمي أمام الداخلية.. مصر كلها شافت هدف مابولولو    نتيجة دبلوم تجارة.. رابط نتيجة الدبلومات الفنية 2024 دور أول بوابة التعليم الفني    بيراميدز: لا نتهم أحدا ولكن ما حدث ليس ظرفا قهريا    رئيس اللجنة الأولمبية يهنئ السيسي بذكرى ثورة 30 يونيو: أسست لجمهورية جديدة    انتشال جثمان طفل غرق في شاطئ الزراعيين غرب الإسكندرية    شوبير يتحدث عن أزمة كهربا مع الجهاز الفني للأهلي    مفهوم الوطنية الصادقة ندوة بمسجد بكفر شكر احتفالا بذكرى 30 يونيو    شون وصوامع الشرقية تواصل استقبال محصول القمح المحلي    اطلاق مسابقة حسن عطية للنصوص المسرحية فى دورتها التاسعة    حزب الله يعلن مقتل أحد عناصره جراء القصف الإسرائيلى على الجنوب اللبنانى    بداية من اليوم.. عودة خطة تخفيف أحمال الكهرباء ساعتين يوميًا    أستاذ علاقات دولية: ثورة 30 يونيو أجهضت مخططات الإخوان لتقسيم مصر    وائل الدحدوح ل "الصحفيين العرب" : نتوقع منكم الكثير والمزيد من الدعم والضغط من أجل وقف الاعتداءات    السيدة انتصار السيسي: أدعو المصريين إلى استلهام روح 30 يونيو لمواجهة التحديات    بمشاركة 289 عملا.. اختتام الدورة 24 للمهرجان العربي للإذاعة والتليفزيون بتونس    هل الصلاة في المساجد التي بها أضرحة حلال أو حرام؟..الإفتاء توضح    تعرف على دعاء النبى فى الهم والكرب    بعد رحيله عن الزمالك.. ياسر حمد يكشف علاقته بنجوم القطبين    أكثر من 15 سيارة جديدة تدخل السوق المصري لأول مرة في 2024    إدارة الحوار الوطني تهنئ المصريين بذكرى ثورة 30 يونيو: سطروا بها ملحمة وطنية فريدة    عبدالغفار يبحث مع «الصحة العالمية» إجراءات حصول مصر على الإشهاد الدولي بالخلو من مرض الملاريا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأحد 30-6-2024    أسعار الخضراوات اليوم 30 يونيو في سوق العبور    مصدر حكومي يعلن تفاصيل التعديل الوزاري وحركة المحافظين وموعد حلف اليمين    أمين سر "دفاع النواب" : ثورة 30 يونيو أنقذت مصر من الفوضى    مفيدة فوزي تحتفل بعقد قران ابنتها بوصلة رقص داخل مسجد وتثير الجدل    هيئة بريطانية تتلقى بلاغاً عن حادث قرب ميناء المخا اليمنى    ملخص وأهداف مباراة الأرجنتين ضد بيرو 2-0 فى كوبا أمريكا    إخماد حريق داخل شقة سكنية فى بولاق الدكرور دون إصابات    ثورة 30 يونيو|النقيب محمد الحبشي.. نال الشهادة قبل ولادة ابنه الوحيد بشهر    صيغة بايدن الجديدة لوقف الحرب فى غزة.. لماذا لا ينبغى أن ينجح بايدن؟    أبو الغيط يكشف صفحات مخفية في حياة الرئيس الراحل مبارك وتوريث الحكم وانقلاب واشنطن عليه    أبو الغيط يلتقي وزير خارجية الصومال    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الأحد 30 يونيو    هفوة جديدة.. بايدن يخلط بين فرنسا وإيطاليا والحروب العالمية    شاهد محمد أبو تريكة يصنع الحدث في مواقع التواصل بعد احداث مباراة المانيا والدنمارك ... خالد منتصر يسخر من تصريحات محمد أبو تريكة    هل يجوز التهنئة برأس السنة الهجرية.. الإفتاء توضح    حظك اليوم برج القوس الأحد 30-6-2024 مهنيا وعاطفيا    ما هي أول صلاة صلاها الرسول؟.. الظهر أم العصر    الإجازات تلاحق الموظفين.. 10 أيام عطلة رسمية في شهر يوليو بعد ثورة 30 يونيو (تفاصيل)    5 علامات تدل على خلل الهرمونات بعد الحمل.. لاتتجاهليهم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نظرة إلي المستقبل
ارفع رأسك فوق: أنت مصري قراءة أولي في وقائع ثورة الغضب (2)
نشر في الأخبار يوم 14 - 02 - 2011

كنت قد بدأت سلسلة مقالات لقراءة أولية لوقائع ثورة الغضب. كنت أتوقع أن يظل العناد قائما والوضع ملتهبا لعدة أسابيع أخري، وربما حتي سبتمبر القادم حين تنتهي الولاية الرئاسية التي كانت قائمة.
لكني فوجئت بهذا الانتصار السريع، نسبيا، للثورة، مثلما فوجئنا بهذا الاشتعال الكاسح لها. لذا كان لابد أن أقفز علي الوقائع لألحق بلحظات النصر.
هناك أحداث تسمو علي كل الكلمات. هناك لغات أخري أقوي من لغة الكلمات. هناك مثلا لغة المشاعر والأحاسيس التي يصعب وصفها تماما بالكلمات. وهناك لغة الثورة التي تعلو علي كل اللغات.
فكيف أعبر بالكلمات عن »البداية« المدوية لنجاح ثورة الغضب التي انطلقت من جموع الشعب المصري بقيادة شبابه في الخامس والعشرين من يناير الماضي؟ نعم هي بداية أول الطريق إلي التغيير، وما زال الطريق طويلا.
حدث الأمر هكذا: كنت متسمرا أمام التليفزيون مع عائلتي. أذيع خبر بقرب إلقاء بيان مهم من قصر الرئاسة. أذيع الخبر علي غير العادة بغير اهتمام مسبق كبير، كما حدث مع البيانات التي سبقته والتي كنا ننتظرها بالساعات. لم يذكر التليفزيون علي غير العادة من سيلقي البيان. اندهشنا قليلا ولكننا لم نتوقع أن يأتي هذا البيان بما كان ينتظره الناس، حتي كثير من أعضاء الحزب الوطني.
أطل علينا السيد عمر سليمان نائب رئيس الجمهورية بطوله الفارع ووجهه الصارم ونظرات عينيه الحادة، وكلماته القوية الواضحة، ونبرات صوته المميزة العريضة. قال في الواقع كلمة واحدة: »تخلي«، ولم يقل »تنحي«. رئيس واحد فقط في تاريخ مصر الحديث »تنحي« ولكن الشعب خرج في مظاهرات عاتية يرفض تنحيه. كنت واحدا من هؤلاء المتظاهرين وأنا في السنة الثالثة الإعدادية في منفلوط. بينما كنت واحدا من المطالبين بتنحي رئيس آخر بعد ذلك بأربعة وأربعين عاما!! سبحان مغير الأحوال.
كانت كلمة »تخلي« هذه كافية ليقفز الجميع واقفين مهللين. ولنسمع ضجة علي السلم. خرجت لأجد نسيبي محمد ضخم الجسد يقفز علي درجات السلم آكلا منه درجات ملوحا بمسدسه مهللا فرحا. سألته فأجاب أنه صاعد الي السطوح ليطلق النار ابتهاجا.
لم نستطع المكوث في المنزل. تركنا التليفزيون فقد حصلنا علي ما نريده منه. خرجنا إلي الرمز: ميدان التحرير. ذبنا في الملايين. قابلت بائعا شابا للأعلام. طلب مني عشرة جنيهات مقابل علم صغير. قلت له إنه يستغل الظروف. فأصر علي منحي العلم مجانا لكي يبعد عنه شبهة الاستغلال. تصوروا! لا استغلال بعد اليوم. هكذا عبر لي الشاب الصغير بائع الأعلام عمليا وبدون كلام عن أخلاق خلقتها الثورة. وسوف أعود إلي هذه الأخلاق، والتي يجب تنميتها والحفاظ عليها، فيما بعد. هذا مجتمع جديد. شعب يخرج من رحم شعب.
لم نكن ملايين من البشر. كنا واحدا.
اندمجنا في صوت واحد نردد شعارات النصر. لكن الشعار الذي بح به صوتي وأدمعني هو: »ارفع رأسك فوق: أنت مصري«. فأنا لا كينونة لي غير أن أكون مصريا.
أقر هنا وأعترف أنني أنا الذي نشأت وتربيت علي حب هذا الوطن منذ طفولتي، وحملت ترابه فوق كتفي في معسكرات العمل التي أقامتها منظمة الشباب في منفلوط، وشاركت في تنظيف بركه ومستنقعاته هناك وزراعتها، أقر وأعترف أن السنوات الأخيرة أصابتني بالإحباط. حتي أطلقت تعبير »الشعب المصري الشقيق« ونشرته في بعض من مقالاتي هنا. والمقالات موجودة منشورة. أقر وأعترف هنا أنه لم يكن لدي أمل في التغيير. كنت واثقا أن الابن سيحل محل الأب بفضل سلبية الشعب »المصري الشقيق« وما أصابه من فساد. أقر وأعترف هنا أنني لم أكن أتصور أن يضحي شباب مصر بأرواحهم من أجل التغيير. من أجل تحقيق الحلم الذي تصوره كثير من الناس بعيد المنال. أن نصبح دولة ديموقراطية حديثة متقدمة.
لذا فأنا مدين لهؤلاء الشباب الذين قادوا التغيير، وعلي رأسهم شهداؤنا، بأنهم أعادوا لي روح الوطن التي افتقدتها علي الأقل في الخمسة عشر عاما الأخيرة. فقد كنت متفائلا في المدتين الرئاسيتين الأوليين من حكم الرئيس السابق، وأقل تفاؤلا بعدها، حتي فقدت التفاؤل. كنت أتمني أن أجري مع الشباب في الشارع لأصد قنابل الغاز المسيل للدموع وأدوسها بحذائي كما فعلت في عهد الرئيس السادات مرتين: قبل حرب أكتوبر 1973 وكنت طالبا في كلية الإعلام، وفي الانتفاضة الشعبية في يناير عام 1977وكنت ما زلت صحفيا شابا جديدا في جريدتي »الأخبار«. لكن العمر الآن تأخر.
أنا، وكثير جدا غيري، مدين لهؤلاء الشباب بأنهم أعادوا اكتشاف هذه الروح، روح الشعب. أعظم ما في هذه الثورة ليس سقوط أشخاص، ولا تحقيق أهداف. إن أعظم ما أنجزته ثورة 25 يناير هو هذا الاكتشاف. اكتشاف الروح الأصيلة الحقيقية. هذه الروح التي لن تغادر جسدها بعد 25 يناير 2011. هذه الروح التي أعادت السلطة إلي الشعب. وستظل السلطة للشعب.
ثورة 25 يناير صهرتنا واحدا. ليس هناك شعب وجيش. هناك واحد. لذا فعندما سمعنا أن السلطة انتقلت إلي الجيش شعرنا أنها عادت الي الشعب. هذا الجيش العظيم الذي لم يخذل الشعب قط ولن يخذله. لماذا؟ لأنها قوانين مصرية. وليست قوانين سيد قراره عليه رحمة الله. وليست قرارات حكومية. هذا هو الذي حافظ علي مصر في أحلك الأوقات. والذي جلب لنا أحلك الأوقات قوات أخري علمها حاكمها ودربها علي أن تكون ضد الشعب. وعندما عجزت عن مواجهة الشعب وممارسة دورها بالوحشية التي طلبها منها حاكمها وزير الداخلية المتهم، هربت من الشعب. فلم يعد للشعب من يحميه غير نفسه والجيش. وحمي الشعب نفسه مع الجيش.
هذا تاريخ جديد يكتبه الشعب بنفسه لأول مرة في تاريخ مصر كله. وليس في تاريخ مصر الحديث فقط. هذه المرة الأولي التي يفرض فيها الشعب إرادته في التاريخ كله. في التاريخ الحديث الذي يبدأ من بداية دولة محمد علي في بداية القرن التاسع عشر قام الشعب بثورة واحدة هي ثورة 1919 ولم تحقق هذه الثورة أهدافها. وليس هنا مجال الجدال في هذا الموضوع. سبقت ثورة 1919 محاولة ثورية لم تنجح أيضا قام بها قائد الجيش المصري أحمد عرابي باشا، وتلت ثورة 1919 ثورة نجحت قام بها ضباط أحرار من الجيش هي ثورة يوليو 1952. ثورة 25 يناير 2011 هي أول ثورة شعبية تنجح في تغيير حاكم مصر وتفرض إرادتها في الوطن.
لم تنته الثورة بعد، ولم تحقق كل مطالبها المهمة بعد. لذا علينا أن نحميها ونتابعها حتي نحقق هدفها الأسمي وهو إقامة الدولة الديموقراطية المدنية السليمة، والتي بدورها سوف تحقق التقدم والازدهار الجديرين بمصر وبتاريخها وبشعبها وبخاصة شبابها المذهل الذي لم نكن نعرفه علي حقيقته. لقد كان من أهداف ثورة 1952 »إقامة ديموقراطية سليمة« وفشلت الثورة في تحقيق هذا الهدف. ولابد أن تنجح ثورة 2011 في تحقيقه.
ولأن مصر هي مصر تأثر العالم كله بثورتها الشعبية، وارتفعت علي الفور مؤشرات البورصات الكبري بعد أن انخفضت. وأشادت بنا شعوب الأرض، وفرحت الشعوب العربية واحتفلت بنجاح ثورة مصر. لقد شعر العرب كلهم بأنهم استعادوا مصر بكل رموزها وبكل ما تعنيه مصر لهم.
لذلك فأنا أرفع رأسي فوق لأنني مصري.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.