إصابات العيون كانت أعلي نسبة إصابات استقبلها مستشفي قصر العيني خلال الأحداث السابقة. أكثر من 681 حالة أصيبت إصابات خطيرة.. ونسبة كبيرة منهم تحولت إصاباتهم لعاهة مستديمة ليصبحوا من أبرز ضحايا مظاهرات 52 يناير. داخل قسم الرمد بقصر العيني لايزال أكثر من ثلاثين مصاباً يتلقون علاجهم، بعضهم أجري خمس جراحات ولايزال فاقداً للرؤية.. ونسبة كبيرة من المصابين غادروا المستشفي ولايزالون يتلقون العلاج أملاً في استعادة الرؤية. من داخل قسم الرمد التقيت بالمصابين، معظمهم شباب صغير.. أو أطفال لا ذنب لهم.. بعضهم أصيب بالفعل خلال مشاركته في المظاهرات أملاً في تحقيق أحلامه الصغيرة. ولكن الغريب أن بعضهم أصيب داخل شرفة بيته أو أثناء عودته لبيته بعيداً عن مسرح المظاهرات.. ولكنهم جميعاً يطالبون ألا تنساهم الدولة وأن يكون هناك تعويض عما أصابهم حتي يستطيعوا مواصلة حياتهم. عشت الظلم علاء محمد محمد »52 سنة« قال لي: أعمل جرسوناً بمحل كشري.. قررت المشاركة في مظاهرات 52 يناير بعد أن تعرض ابن عمي وجاري للحبس ظلماً علي يد بعض ضباط الشرطة.. أصبت بطلق ناري أصاب عيني بانفجار في القرنية وتهتك في الشبكية.. أجريت عدة جراحات بقصر العيني لكني مازلت عاجزاً عن الرؤية.. أتمني أن يكون العهد القادم بدون ظلم وأن تتحقق العدالة التي أصبحنا ضحايا من أجلها. تامر حسين محمد محام »13 سنة«: ليست لي قضية خاصة لكني خرجت مثل الآلاف غيري من الشباب للمشاركة لأني أحلم بحياة عادلة بلا فساد.. فقدت عيني اليمني لكني لست نادماً. أبيع الموز محمد فهمي لم تكن له أي علاقة بالمظاهرات.. كان يبيع الموز علي عربته الصغيرة بأحد شوارع شبين الكوم وفوجئ برجال الشرطة يطلقون أعيرة من بنادق الرش لتفريق المتظاهرين.. أصابته إحداها في عينه ليفقد الرؤية بها. أحمد مجدي »71 سنة« فقد البصر بإحدي عينيه وفقد معها عمله كسائق علي ميكروباص لكنه يقول: رغم إنني فقدت عيني إلا أنني أشعر بالأمل و»يارب اللي جاي يكون أحسن«. مصطفي محمد بدوي يقول: فقدت عيني وفقدت عملي الموسمي كطباخ في مطعم شهير.. ليس لي تأمين ولا معاش لكن أملي الوحيد هو أن تتحسن الأوضاع بعد التغيير.. وأتمني ألا ينسانا الناس وأن يكون هناك من يرعي ضحايا 52 يناير. حلمي أبو المعاطي هو أكبر المصابين سناً عمره 35 عاماً، لديه أربعة أولاد جميعهم بالتعليم وكان يعمل في شركة قطاع خاص تم تسريحه منها توفيراً للعمالة. يقول حلمي: لم أشارك في المظاهرات بل إنني يوم الحادث خرجت أنادي شقيقي وأقنعه بالعودة للمنزل. كنت أقف أمام منزلي في شارع الحرية بالكيت كات.. وفوجئت بطلقة أصابت رأسي وأضاعت البصر في العينين.. أجريت عدة جراحات ولازلت لا أري حتي الآن. أصغر المصابين محمد جمال »01 سنوات« ومي ناصر »8 سنوات« هما أصغر ضحيتين.. محمد كان يقف في شرفة منزله بالفيوم يشاهد المتظاهرين ليفاجأ بالطلقة التي أضاعت عينه. أما مي فكانت تسير في منطقة الإسعاف مع والدها عائدين لمنزلهما ولا يعرف والدها من أين جاءت الطلقة الغادرة لتصيب عين ابنته. يقول د. أشرف حاتم مدير مستشفي قصر العيني إن المستشفي استقبل 681 إصابة عيون خلال ستة أيام وهو معدل لم يحدث من قبل.. والإصابات كلها كانت خطيرة لأنها جاءت من بنادق الرش التي تستخدم في الصيد ويتم استخدامها لتفريق المتظاهرين والطلقات أصابت مقلة العين بانفجار.. وهذه الحالات لابد من إجراء جراحة سريعة جداً لتعويض السائل الذي فقدته العين، لذلك كنا نجري 42 جراحة يومياً وبعض الأطباء ساهموا بإجراء جراحات في عياداتهم الخاصة مجاناً للمصابين حتي لا ينتظروا قائمة الانتظار وتضيع عيونهم إلي الأبد. ويقول إن المستشفي استقبل 2043 حالة من يوم 52 يناير منها 0671 إصابة لها علاقة مباشرة بالمظاهرات وقد وصلت الوفيات إلي 23 حالة وفاة وخرجت معظم الحالات باستثناء العيون.