ليس عيبا ان يغير الانسان من موقفه وقناعاته عندما يتضح له انها كانت خطأ. بل وليس عيبا ايضا ان يعترف الانسان انه فعل ما فعل تحت ضغط ظروف تفوق قدرة تحمله كإنسان. وقد لا يكون عيبا ايضا ان يعترف الانسان بأن لقمة العيش جعلته يقدم علي ما لم يكن يقدم عليه في ظروف اخري. كل ذلك مفهوم ومقدر انسانيا ويمكن اغتفاره لمن ارتكبه. لكن ما ليس مقبولا ان يدعي احد ممن فعل شيئا من ذلك انه كان مع الجماهير او انه كان يطالب بما طالبت به الجماهيرالتي عبرت عنها ثورة 25 يناير. اتحدث هنا تحديدا عن بعض زملاء المهنة الذين تشهد عليهم اقلامهم التي استخدموها مباخر لمباركة النظام وزادوا من النفخ في بخورها في محاولات مقصودة لكي تعمي عيون الاخرين وتمنعهم من رؤية ما كان النظام يقوم به . افهم ان يعتذر البعض عما اقترفت اقلامهم وهو سلوك ان حدث سوف يكون محمودا بالعودة الي الحق خيرا من التمادي في الباطل هذا ان كان احد منهم يملك الان ان يتمادي في الباطل بعد ان تعري النظام الذي مرغوا اقلامهم في تراب التمسح له. وقد يكون مفهوما حتي محاولة ركوب الموجة واستخدام مفردات كانوا يعتبرون حتي بعد ثلاثاء الغضب انها رجس من عمل الشيطان تفسد صلاتهم في محراب النظام ويتعين عليهم ليس فقط النأي بأنفسهم عنها وانما سد الطريق علي كل من سولت لهم انفسهم استخدامها. اما ما ليس مقبولا ولا مفهوما فهو ذلك التحول الحرباوي.. من الحرباء.. بعد ان بدأت الرؤية تتضح واخذ بعض الغبار في الانقشاع وانزاح عنهم الغطاء الذي ظلوا يتدثرون بدفئه وذهبه سنين طوالا . هذا التحول بمائة وستين درجة هو الامر الذي يصعب تقبله.. وان كان التاريخ قد حدثنا انه امر يحدث دائما من قبل هؤلاء . عندما فر نابليون من سجنه في جزيرة البا خرجت الصحف الفرنسية بعناوين ضخمة تقول "هروب الطاغية". ومع كل يوم كان نابليون يقترب فيه من باريس ويتزايد فيه عدد المناصرين له كانت عناوين ذات الصحف تتبدل حتي اذا طرقت قوات نابليون ابواب باريس وبدا ان التيار قد مال لصالحه خرجت عناوين نفس الصحف وبأقلام نفس الصحفيين تقول "عودة الامبراطور". نفس الامر يحدث في مصر الآن ..الذين سخروا وسخفوا من آمال الشعب واحلامه.. الذي سعوا جاهدين لتشويه صورة كل من حاول ان يقول كلمة حق من اجل صالح هذا الشعب.. الذين ظنوا في انفسهم القدرة علي ان يصنعوا الرأي العام ولم يكونوا في حقيقة الامر سوي "صوت سيده" يحملون ذات المباخر .. هذه المرة ليقولوا لنا انهم كانوا سدنة الحرية وحماة حقوق الشعب وانهم مع ثورة شباب 25 يناير بل وانهم في الطليعة منها ورافعو الويتها ومشعلو مصابيحها. ينسي هؤلاء او يحاولون ان ينسوا او يحاولون ان يجعلونا ننسي هول الجرم الذي ارتكبته اقلامهم ويحاولون ترتيب مكان لهم في النظام الجديد الذي تتشكل ملامحه الان. يلعبون او يحاولون ان يلعبوا نفس الدور غير الشريف الذي تحاوله بعض قوي النفعية والانتهازية بسرقة ثورة شباب 25 يناير. ينسي هؤلاء حقيقة من حقائق الحياة عبرعنها بصدق شاعر قديم قال.. ثوب الرياء يشف عما تحته.. فاذا اكتسيت به فإنك عار. هل يدرك هؤلاء الآن انهم عراة وان عليهم ان يستروا عوراتهم؟