دعوني أقول بأعلي صوتي في ميدان التحرير.. أنا شخصيا أحترم شجاعة الرئيس.. فهو الأب الحنون الذي عرفناه في جميع المواقف الصعبة.. لا يغضب ولا يتعصب من أي صوت أو أي قلم ينتقده طالما كان هذا النقد لصالح هذا الوطن.. مبارك أثبت في هذه المحنة أنه يتمتع بسعة الصدر لثورة أبنائه.. لم يشعرنا أنه نادم علي مساحة الحرية التي أطلقها في عهده سواء كانت للأقلام.. أو للتظاهرات.. لم يستخدم العنف بالطريقة التي كان يستخدمها أسلافه في فض التظاهرات.. لم يعلن الأحكام العرفية في البلاد لأنه لا يريد أن يغلق الأفواه.. من حقنا أن نتظاهر.. وأن نثور علي الفساد.. وعلي الرئيس أن يعترف بأن من بين حاشيته الفاسدين الذي خربوا اقتصاد مصر وأفسدوا الحياة السياسية فيها.. لكن ليس من حقنا أن نتطاول بالألفاظ علي القائد الذي عبر بنا إلي بر الأمان.. ليست هذه هي أخلاقنا كمصريين.. ولا هي القيم التي تعلمناها في بيوتنا.. ولا هي الأصالة التي تربينا عليها حتي أصبحت عنوانا لعراقتنا بين الشعوب.. كيف ننسي تاريخ هذا الرجل يوم أن جنينا ويلات الحروب وبحكمته وعقلانيته وضعنا علي خريطة السلام ونحن لا ندري قيمة ما أنجزه علي الساحة الخارجية باسم مصر.. من حقنا أن نطالب بمحاكمة علنية لرموز الفساد التي التفت حول الرئيس وعزلته سنوات عن أوجاع هذا الشعب.. وعلي الرئيس مبارك أن يقول للمتظاهرين »أنا معكم..« ويصدر قرارا فورا بتشكيل محكمة شعبية لمحاكمة الفاسدين.. لذلك أقول.. اسمعوا صوت العقل، واتركوا القيادة السياسية التي أعلنت تضامنها معكم لاتخاذ ما تراه صالحا لهذا البلد.. مبارك رفض أن يترك مصر للحفاظ علي أمنها.. فكونوا دعاة سلام معه.. مدوا أيديكم لأبيكم فقد عرف من خلال رسائلكم بالذين خدعوه وأبعدوه عنكم.. ليس من العيب أن يعترف الأب في لحظة قوة بأنه كان بعيدا عن أبنائه.. لكن العيب أن يدفن رأسه »ويطنش« أو يركب رأسه ويرفض أن يستجيب.. مبارك لم يفعل هذا.. شجاعته جعلته يعترف بخطأ النظام وفشل الحزب الحاكم. .. مبارك ضرب لنا المثل في الشجاعة ورباطة الجأش.. كم تحمل من صيحات وصرخات وألفاظ طالته.. ومع ذلك كان كريما مع أبنائه، فكونوا أنتم أيضا كرماء وتخلوا عن عصبيتكم بالعودة إلي أعمالكم لنحمي بلدنا من الدمار.. أمنيتي كمواطن مصري أن يسمعني المتظاهرون في ميدان التحرير.. ويحكموا عقولهم في الخراب الذي ينتظرنا علي الطريق وهم لا يدرون.. كم من البيوت سوف تغلق.. سوف ينطفيء النور فيها يوم يجد الأب نفسه مفصولا من عمله، لأن المصنع أو المؤسسة التي كان يعمل فيها قد أغلقت أبوابها أو صفت أوضاعها. .. علينا أن نفهم أننا ندمر مستقبلنا بأيدينا.. يوم أن يتوقف العمل في المصانع.. وينسحب المستثمرون من أراضينا.. ويدخل الرعب والفزع إلي قلوب أصحاب الأعمال فيعيدون حساباتهم ولا يجدون مفرا من تصفية أعمالهم.. دعوني أقول بكل صراحة.. نحن نهدم ولا نبني.. قد تتهمونني بالخيانة لرسالتكم لمجرد أنني لا أجاريكم في عصبيتكم أو أخيفكم بالمستقبل المظلم لبلدنا.. لكن الحقيقة المرة التي لا يفهمها أحد.. ان أصحاب الأعمال بدأوا فعلا في إعادة حساباتهم.. وبعض الشركات قررت أن تغلق أبوابها وسوف نشهد الألوف من أولادنا وبناتنا في الشوارع.. مبارك تحمل عنا الكثير ومع ذلك فهو لم يتجاهلكم بل كان أول المؤيدين لثورتكم.. لقد ازداد حزنه يوم أن اكتشف الفساد في رموزه.. في الرجال الذين أعطاهم ثقته فخذلوه.. ائتمنهم علي ثروة هذا الشعب فنهبوها.. كان أول المؤيدين لمحاكمة الفاسدين.. فماذا تريدون بعد هذه القرارات.. هل تريدون إشعالها نارا.. فالنار سوف تأكلكم وتأكلنا.. يا أصحاب الضمائر الغائبة.. عودوا إلي مواقعكم.. أعيدوا الأمن والأمان إلي قلب بلدكم.. ادعوكم باسم العقل والحكمة.. ادعو كل مسلم.. كل مسيحي أن يوصل صوته إلي أخيه.. استجيبوا لصوت العقل.. للبناء وليس للتدمير.. للاستقرار وليس للفوضي.. قولوا لمبارك الله معك حتي يستكمل مسيرته في ثورة التصحيح وتتحقق مطالبكم.. حتي لايفهمني احد بالغلط أنا لست مع النظام.. لكني مصري أخاف علي بلدي ويوم أن أدعو إلي صوت العقل فأنا اخشي الظلام وما تخفيه لنا الأيام. أنا واحد من الاقلام التي دقت الاجراس للنظام قبل ثورة الشباب.. وفي مقال من مقالاتي حذرت رموز الحزب الحاكم وقلت لهم انه غدا سوف نري أولادنا وهم يسحلوكم في الشوارع عن التهليب وسرقة المال العام.. قلتها بعد بيع أرض مصر.. واصولها وشركاتها.. ومع ذلك اطالب بان نحتكم إلي صوت العقل.. نلتف حول الرجل الذي أعلن تضامنه مع ثورة الشباب.. ونري رؤوس الفساد تصبح رمزا لدماء الشهداء في ميدان التحرير.