أسلحة إسرائيلية مهربة للعراق فتش عن إسرائيل عند البحث في أصول أي صراع إقليمي مسلح، ففي حين تعاني دول ما يعرف ب «الربيع العربي» صراعاً غير مسبوق، يثريه تناحرها مع التنظيمات الإرهابية، يقف غلاة الدولة العبرية علي الجانب الآخر في وضعية المراقب، صاحب الدور الأكبر في إلقاء الزيت علي النار، وإمداد العناصر المارقة بالسلاح والعتاد، الذي يضمن إذكاء الصراع علي حساب استقرار الدول، ودماء شعوب المنطقة. اعترافات عبرية في هذا السياق، تعترف تقارير عبرية للمرة الأولي بإمداد الطوائف المتناحرة مع الأنظمة العربية بالعتاد والسلاح، وإذا كانت سوريا صاحبة النصيب الأكبر في المعارك المناوئة للنظام، فالاعترافات الإسرائيلية استهلت فيض معلوماتها في هذا الصدد، بترسانة السلاح الإسرائيلي التي باتت أداة طيّعة في أيادي التنظيمات المسلحة، إذ تفيد تقارير نشرها موقع «ماكوريشون» العبري إلي أن شبكات تجارة السلاح في إسرائيل، هرّبت كميات كبيرة من المواد المتفجرة، ووسائل الرؤية الليلية والاتصالات، بالإضافة إلي صمامات عسكرية متعددة الأنواع، وبزات عسكرية، ولوحات مركبات مزيفة لتلك التنظيمات في الداخل السوري. كما أمدت إسرائيل التنظيمات المسلحة في سوريا بملابس عسكرية، تضاهي تلك التي ترتديها قوات الرقابة الدولية التابعة للأمم المتحدة. الصحفية الإسرائيلية «شي ليفي»، التي أعدت التقرير الذي يتضمن تلك المعلومات، قالت إنها التقت أحد مهربي الأسلحة الإسرائيليين، الذي رفض الكشف عن هويته، لكنه اعترف بأن وصول السلاح الإسرائيلي للتنظيمات المسلحة في سوريا لا يعني له «مفاجأة»، إذ تتحكم المصلحة - بحسب اعترافه - في طبيعة العلاقة بين المهربين الإسرائيليين والتنظيمات المسلحة في سوريا، وفي غيرها من الدول العربية. الأكثر من ذلك يأتي في إطار كشف النقاب عن هوية مهرب المخدرات اللبناني المدعو «نوح زعيتر»، الذي وصفه التقرير العبري بهمزة الوصل بين المهربين الإسرائيليين والتنظيمات المسلحة في سوريا، ويزيح الباحث الإسرائيلي المتخصص في الشئون الاستخباراتية «رونين سلومون» الستار عن صورة المهرب اللبناني من داخل سوريا، واقفاً إلي جانب أحد المدافع الثقيلة التي قام بتهريبها مؤخراً. المهرب اللبناني ونشر الباحث الإسرائيلي في صفحته علي موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» صوراً أخري للمهرب اللبناني «زعيتر»، مشيراً إلي أن الأخير لم يكترث بحذف الكلمات والرموز التي ظهرت بوضوح علي الأسلحة الاسرائيلية، خاصة أنها مكتوبة بالعبرية، وأرجع الباحث ذلك إلي اهتمام التنظيمات الإرهابية باستخدام السلاح بغض النظر عن هويته، أما فيما يتعلق بالسلاح الذي يظهر في الصورة مع المهرب اللبناني، فيقول الباحث الإسرائيلي إنه وسيلة قتالية، يعتمد عليها الجيش الإسرائيلي في العديد من المواقع، وهي عبارة عن مدفع من طراز «M2»، المعروف في إسرائيل ب «05». التنظيمات المسلحة الحديث مستفيض والمعلومات وفيرة حول تهريب السلاح الإسرائيلي للدول العربية، وبالتحديد لدول ما يُعرف ب «الربيع العربي»، وبعبارة أخري يمكن رصد عمليات تهريب السلاح الإسرائيلي في كل دولة تنشط فيها التنظيمات المسلحة، وينسحب ذلك باعتراف إسرائيل وما نسبته لتقارير غربية علي مصر واليمن وليبيا والعراق والسودان، فضلاً عن تنظيمات مسلحة في مختلف دول العالم، يأتي في طليعتها حركة «طالبان» بأفغانستان! رغم تردي العلاقات الإسرائيلية- الإيرانية، إلا أن عمليات تهريب السلاح الإسرائيلي للتنظيمات المسلحة في اليمن. يأتي ذلك في الوقت الذي تعلم فيه إسرائيل أن دعم الفصائل المتناحرة في اليمن يخدم المصالح الإيرانية، إذ إن قوات الحوثيين في اليمن تلعب دوراً إقليمياً لصالح الدولة الفارسية، لكن مجموعات تهريب السلاح الإسرائيلي لا تكترث بالمواقف السياسية قدر اهتمامها بهدفين، أولهما: إذكاء الصراع المسلح، ثانياً: الفائدة الاقتصادية التي تعود علي إسرائيل من تجارة السلاح، خاصة أن القائمين علي عمليات التهريب جنرالات متقاعدون في جيش الاحتلال، وفي مقدمتهم الجنرال متقاعد «جيورا آيلند» رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي السابق، صاحب اقتراح «الوطن البديل» للفلسطينيين في سيناء، فالجنرال المخضرم الذي يدور الحديث عنه يقود من الباطن شركة السلاح الإسرائيلية «رادوم»، وهي شركة معنية بانتاج منظومات قتالية للطائرات الحربية الإسرائيلية. العراق احتل مركزاً متقدماً في استقبال صفقات السلاح الإسرائيلية، إذ تشير معطيات تقرير «ماكوريشون» العبري إلي أن سلطات الاحتلال تحقق حالياً مع أحد تجار السلاح، الذين تورطوا في تهريب كميات كبيرة من الأسلحة للعراق، خاصة بعد وصول جانب من تلك الأسلحة لتنظيم «داعش». وتؤكد المعطيات العبرية أن هذه ليست المرة الأولي التي يدان فيها مهرب إسرائيلي بتصدير السلاح للعراق، وإنما تورط مهرب آخر عام 2006 في عملية مماثلة. تنظيم طالبان عمليات تهريب السلاح الإسرائيلي، لم تقف عند حدود دول الربيع العربي، أو الدول العربية بشكل عام، وإنما تجاوزتها لتصل إلي دول وتنظيمات مسلحة في مختلف دول العالم، وفي مقدمتها تنظيم «طالبان»، وربما كانت الولاياتالمتحدة شاهداً علي تلك الصفقات، ففي عام 2013، أدانت إحدي المحاكم الأمريكية أحد تجار السلاح، الذي يحمل الجنسيتين الإسرائيلية والأمريكية، المدعو «عوديد أوربخ»، علي خلفية تورطة في محاولة تهريب كميات كبيرة من الأسلحة الإسرائيلية لتنظيم «طالبان» في أفغانستان، واستشهدت المحكمة بتقارير أعدتها المباحث الفيدرالية الأمريكية ال «FBI»، وجاء فيها: «أن السلاح الإسرائيلي لا يتوقف عن التدفق علي عناصر تنظيم «طالبان»، الذين يقتلون جنودنا في أفغانستان». الأكثر من ذلك أن ال «FBI» ذاته ألقي القبض في فترة سابقة علي رجلي أعمال إسرائيليين، حاولا بيع معدات وأسلحة إسرائيلية لإيران بشكل مباشر، ورغم توقيفهما، إلا أن الأجهزة المعنية في الولاياتالمتحدة لم تقدم ضدهما لائحة اتهام، وتم فرض تعيتم إعلامي علي القضية برمتها. محمد نعيم