يظل الابن البكري هو ابن العمر حتي بعد إنجاب اخوته بنين وبنات.. فهم ثمرة الحياة وخلاصة رحيق السنوات التي مضت والتي تأتي فيما تبقي من عمر - إذا كتب الله لي عمرا - كريم هو ابن عمري وأول فرحتي وبداية دخولي عتبة عالم الأمومة الرحب الحافل بالسعادة والعناء، أكرمني الله فيها بأولادي شابين وفتاتين هم قرة عيني وأملي في الحياة.. سنوات العمر مضت سريعا لا أعرف كيف؟ فإذا ما نظرت خلفي وجدتهم لازالوا أطفالا حتي وإن فاقوني طولا وتوجت فرحتي بزفاف ابن عمري في ليلة مقمرة علمتني معني كلمة فرح التي أبدعها القاموس العبقري المصري الذي يختصر معني الحالة التي تغمر الجميع بالفرح وليس العروسين فقط، وشعرت بأنها ليلة عمري أنا أكثر من الأهل والأحباء.. وترقرقت دموعي أكثر من مرة وهما يرقصان في رشاقة وعروسه الرقيقة يسرا تتحرك في خفة الفراشة وكانت المرة الأولي التي أري فيها ابني وهو يرقص سعيدا محلقا.. لكني كتمت دموعي وقت عقد القران واحتفظت بمنديل الزواج تذكارا عزيزا للمناسبة السعيدة واكتشفت أن أم العريس مثل أم العروسة (فاضية ومشغولة) واستدعيت كل ما لدي من قوة لأتحرك وأوزع ابتساماتي وتحياتي علي المدعوين وسبحان من وهبني القدرة علي الصمود لأخفي توتري وإجهادي فألحت عليّ قدماي أن أرحمهما وارتاح قليلا فتجاهلت الشكوي فليس هذا أوان الراحة خاصة بعد سنوات عجاف خلت من الفرحة - إلا فيما ندر- اشتقت فيها لأي حدث سعيد يومض بريقا من الأمل فأتمني أن أعيش حتي يشفي زوجي العزيز ولأشهد زواج باقي أولادي.. وبقدر ما هو حلم عزيز أراه أحيانا غير بعيد المنال وأحيانا أخري ينوء كاهلي بالأحمال فأزهد في الدنيا وما فيها، ولكن تبقي أسرتي الخيط الأقوي الذي يرغبني في الحياة، وأعود إلي أجواء الفرحة المخلوطة بالدموع الحبيسة وابتسامات المجاملة والقلب الذي يدعو بصدق للعروسين بكل السعادة والرزق الحلال والذرية الصالحة، وعدت مع أولادي لبيتنا بعد زفاف العروسين وقالت ابنتي في حزن لقد أصبحنا خمسة فردت أختها بل أصبحنا سبعة فزوجة أخينا انضمت للعائلة لكني رغم سعادتي شعرت بجزء مني ينتزع بعيدا فها هو طائري يغادر عشه ليصنع عشا جديدا لنفسه لكنه مهما طار سيعود إلينا ليزور ويتزود بحنان الأسرة ودفئها.