شئ مألوف أن ينتظر المدعوون وصول العروس وقتا طويلا الي قاعة حفل الزفاف.. يحدث هذا في كل بلاد العالم.. وغالبا ما تكون العروس لدى الكوافير حيث تمضي ساعة بعد أخرى في تزيين شعرها.. والخروج به في شكل مبهر! لكن في إسرائيل مهمة الكوافير تختلف تماما! تحلق العروس شعرها – عالزيرو – في أجمل ليالي عمرها! تبدو العروس صلعاء.. بل تبدو فروة رأسها دون شعرة واحدة.. لكنها لا تخرج الى الحفل إلا بعد وضع باروكة.. أو قبعة.. أو إيشارب قاتم! السبب أن رجال الدين يؤكدون في تعاليمهم ودروسهم ومحاضراتهم أن شعر المرأة عورة.. ومثير للرغبات والشهوات.. ومن عنده تبدأ دائما وسوسة الشيطان للرجال.. وطالما اختارت المرأة شريك حياتها، فلن تطيل شعرها بعد حفل زفافها؟! عليها أن تختار بين أن تكون يهودية متدينة فتحلق شعرها ليلة زواجها..أو تكون يهودية اثمة سوف تنصب عليها حتما لعنة الرب! بعض الحاخامات المتشددين يذهبون الى أبعد من ذلك.. يرفضون فكرة ارتداء الباروكة بعد حلق شعر المرأة باعتبار أن "الباروكة" في حقيقتها نوع من التحايل.. فهي شعر امرأة.. كل ما في الأمر أنه مستعار.. لكنه قد يحقق نفس المحظور فيلفت انتباه الرجال ويثير غرائزهم ويحرك شهواتهم نحو صاحبة الشعر الجميل.. لهذا يقترح بعض الحاخامات الاكتفاء بالقبعة أو الإيشارب.. بينما يتساهل بعضهم نوعا ما، فيجيز الباروكة على أن تغطيها القبعة! وفي حفل الزفاف يحدث ما هو أغرب! وسط الفرحة العارمة التي تلمع في عيون العروسين.. وفوق وجوه الأهل والأقارب والمدعوين، تأتي فجأة لحظة الحزن في عز السعادة.. ترتفع الأيدي لتكسر الأكواب وتهشم الزجاجات ثم يرتفع النحيب والبكاء.. ويمسك الجميع بالمناديل ليجففوا دموعهم.. ويمصمصوا شفاههم. ويعضون بأسنانهم عليها حسرة وندما. فالتعاليم الدينية تحثهم أن يتذكروا مأساتهم كلما فرحوا أو عاشوا مناسبة سعيدة.. لابد من تكسير الأشياء ليتذكروا الهيكل المقدس الذي حطمه البابليون وأعداء اليهود وغزاة القدس.. لا يوجد شئ في الحياة أغلى من هيكل سليمان الذي يمثل المجد الضائع من شعب اليهود. وكما انهار الهيكل وتهشم المعبد فلا مانع من أن تتكسر الأشياء في المناسبات السعيدة حتى يتذكر اليهود دائما مأساة معبدهم! يذهب الحاخام – أيضا – الى منزل الزوجية الجديد حيث يمسك في يده بآلة حادة يضرب بها حائط المنزل حتى يحدث شرخا في الجدار.. والحكمة من هذا السلوك واضحة.. فلابد أن يتذكر الأبوان والأبناء مدى الحياة ما أصاب حائط المبكى.. الجدار الوحيد الباقي بعد تدمير هيكل سليمان.. وطالما كانت في الحائط شروخ فيجب أن تكون الحوائط اليهودية مشروخة، لتظل حكاية حائط المبكى داخل القلوب والعيون معا! ومن أشهر حفلات الزفاف في اسرائيل حفل عرس ابنة موشى ديان وزير الدفاع الأسبق. لقد أقامه في غزة بعد نكسة 1967.. وحرص فيه ديان على تطبيق الطقوس والتعاليم الدينية بحذافيرها.. رغم أنه لم يكن متدينا! ولا يجلس العريس الى جوار عروسه أثناء الحفل! محظور – أيضا – اختلاط الرجال والنساء.. لهذا تقام الأفراح في قاعتين مختلفتين.. واحدة للمدعوين الرجال.. والأخرى للنساء.. لكن يمكن أن يحدث ذلك داخل قاعة واحدة.. إذا أمكن لأهل العروس فصل الرجال عن النساء باستخدام حاجز أو ساتر غير شفاف. وتعزف الفرقة الموسيقية لحنا تقليديا يقوم بعده الحاخام بتلاوة من الكتاب المقدس تسمى تلاوة "البركات". هنا – فقط – يكون مسموحا للعروس بالاقتراب من حدود قاعة الرجال لتسمع وتفهم.. وتتعلم من دروس اليهودية في مثل هذه المناسبة. لكن العروس لا تظل بعيدا عن عريسها طوال الحفل! هناك لحظات يكون مسموحا لها فيها الاقتراب من عريسها.. خاصة حينما يتجه المدعوون الى مائدة الحفل لتناول طعامهم.. هنا تجلس العروس في مقدمة المائدة والى جوارها عريسها!.. وبعد انتهاء الطعام واحتساء الخمور يبدأ فاصل من الرقص.. الرجال يرقصون معا وبينهم العريس.. والنساء معا في قاعتهن وبينهن العروس.. وحينما يقترب الحفل من نهايته ترقص العروس مع أقارب العريس الرجال.. وكبار المدعوين.. والحاخامات.. لكن لا تلامس بين الأيادي أو الأجساد أثناء الرقص.. فالعروس وضيفها يربطهما حزام دائري! آخر الرقصات تكون من حق العريس! تلقى العروس بالحزام.. ويتقدم منها عريسها.. تتشابك أيديهما.. وتلقى العروس برأسها فوق صدر عريسها في لحظات حالمة تدق فيها القلوب وترق المشاعر! محظور – أيضا – في حفلات الزفاف التصوير بالفيديو! في بداية ظهور الفيديو ثار الحاخامات.. أكدوا أن الرب ضد الفيديو فهو جهاز من صنع الشيطان.. لكن مع مرور الوقت بدأ الاقتناع بالسماح بالفيديو في المناسبات التي تكون لها فائدة علمية أو اجتماعية ثم سمحوا به في الزفاف من باب الذكرى؟! لكن حفلات زفاف الفقراء كل شئ فيها مباح حتى الرقص بين النساء والرجال.. لكن تظل نظرة المتدينين إليهم باعتبارهم: يهود مذنبون!!