البداية منذ سمحت الحكومة بالتظاهر.. تنفيذا للاتفاقات والمواثيق الأممية.. والتظاهر ليس عيبا.. مادام يسير في سلام ودون تخريب أو تعطيل لمصالح المواطنين.. ومن واجب الشرطة هنا حماية المتظاهرين.. واستمرت المظاهرات وتكونت حركات كفاية و6 أبريل ومواطنون ضد الغلاء وغيرها.. وكان سلم نقابة الصحفيين أحسن مكان يحتضن المتظاهرين وكذا سلم نقابة المحامين ومدخل دار القضاء العالي ثم شارع مجلس الشعب وغيره.. وكان امام كل مجموعة متظاهرين اضعافهم من الأمن المركزي والقوات الخاصة وأمن الدولة.. وتطورت المظاهرات.. وزادت مطالبهم.. وتنوعت .. وهي مطالب مشروعة امام الفقر والجوع والمرض. الذي يضرب الاغلية الكاسحة من الشعب وكانت الحكومة بليدة في مواجهة هذه المطالب.. ولم تعر اهتماما بما يقوله المتظاهرون. وجاء الحزب الوطني بالطبع في صف الحكومة.. وبدأت مؤتمراته وتصريحات قياداته تتحدث عن طموحات واحلام سعيدة بينما الشعب يتجرع آلام المرض والفقر والجوع.. في الوقت الذي يسمعون فيه عن فساد مدقع في الحكومة والحزب الذي اعتمد علي رجال الأعمال.. ويرون بأم أعينهم الطائرات الخاصة تنقل مأكولات ومشروبات مميزة من باريس وغيرها في حفلاتهم بمصر.. وشاهدوا زواج السلطة بالمال.. وشاهدوا رجال الاعمال الذين يغسلون اموالهم من التجارة المحرمة »كالمخدرات والسلاح وغيرها« في البنوك.. وشاهدوا رجل اعمال يجري ويلهف وراء مغنية وعندما تمنعت عليه ارسل من يقتلها.. ويحكم القضاء عليه ثم يأتي قاض آخر ويحكم بما ينقذه من القصاص.. شاهدنا ابن القاضي مثلا يعين في النيابة والقضاء حتي ولو كان غير مؤهل.. شاهدنا ابناء وبنات الكبار يتولون مناصب في المواقع المهمة ويتركون ابناء الشعب الغلابة.. شاهدنا صحافة واعلاما لا يقول الحقيقة.. شاهدنا فسادا افقد ثقة الشعب في الحكومة والقيادات.. ومما زاد الطين بلة افتخار الحزب الحزب الوطني بأنه اسقط رموز المعارضة والمستقلين في الانتخابات، شاهدنا الحزب الوطني يجمد النقابات المهنية وهم طليعة مثقفي الامة منذ عام 0991 وتأتي احكام القضاء الدستوري ولا يسعون لتنفيذها.. شاهدنا فشل الحزب الوطني في تقديم اي خدمات للنقابات المهنية.. وابعادا كاملا لارادة الجمعيات العمومية للنقابات العمالية.. شاهد العمال قياداتهم تنعم وتعيش في رغد الحياة بعد ان كانوا معدمين .. تركوهم واصبحوا محصنين بالسلطة.. شاهدنا الحكومة تقول كلاما والواقع يكذب ما يقولون.. من هنا جاء فقدان الثقة. وبدأت انتفاضة شباب الفيس بوك.. وتجمع الآلاف في ميدان التحرير.. كل هذا وحكومة د. نظيف غائبة.. وحبيب العادلي نائم في العسل والملذات.. والامن المركزي مغيب.. وقيادات الشرطة ليس لديهم فهم حقيقي لتقدير حجم الموقف.. وليس لديهم دراسة علمية سليمة تقرأ بها الاحداث.. والمعلومات التي تصل الي الرئيس مبارك بالطبع »كله تمام يا فندم«.. والرئيس يمنح الحكومة ثقته.. ثم تبين له ان الوضع في التحرير ليس كما يقول أعوانه.. بل هو وضع خطير والأسوأ ان الشرطة هربت من المواجهة.. وانتشر البلطجية وتمكنوا من حرق وتدمير السجون وأقسام الشرطة.. وانطلق المسجونون يعبثون في أرض مصر فسادا.. حرائق وتدمير واغتصاب واجرام.. وأمام هذا الفراغ الأمني.. لم يجد المواطن الشريف سوي ان يدافع عن بيته والشارع الذي يسكن فيه.. وانتشرت ظاهرة اللجان الشعبية.. وشاهدنا من يحمل السلاح بكل أنواعه للدفاع عن المنطقة التي يعيش فيها.. وستكون هناك مشكلة انبه إليها من الآن.. بعد انتهاء هذه الغمة ماذا سيفعل هؤلاء بهذه الاسلحة!.. اعود الي مسيرة الحكومة التي انهاها الرئيس مبارك بتشكيل حكومة جيدة واختار الفريق طيار أحمد شفيق.. قائد القوات الجوية الاسبق ليقود الحكومة الجديدة.. لكن حكومته جاءت مخيبة للآمال والطموحات.. شخصيات مكروهة في الشارع.. وغير منجزة استمرت في الحكومة.. احسست ان الفريق شفيق لم يجد أحدا يوافق علي تولي الوزارة.. وليست المسألة كما قال ان الوزراء المستمرين في مواقعهم لهم ملفات تحتاج بقاءهم لانجازها. ايضا استمرار مجلس الشعب الذي يشوبه البطلان ب 0051 طعن علي صحة العضوية لماذا لم يتم حله وايضا حل مجلس الشوري والدعوة لاجراء انتخابات برلمانية جديد بعد ازالة القيود التشريعية علي نظام الانتخاب.. الحزب الوطني علي أرض الواقع لم يعد له وجود حقيقي.. سوي انه يحتضن الآن بعض البلطجية الذين اساءوا الي الرئيس مبارك وهجموا علي المتظاهرين في ميدان التحرير.. والذين تقلصت اعدادهم بعد كلمة الرئيس مبارك للامة.. لقد اصبح الحزب الوطني ببعض قياداته كالدبة التي قتلت صاحبها لما تتميز به من غباء. وجاء اختيار اللواء عمر سليمان نائبا لرئيس الجمهورية ليصادف أهله.. فهو رجل وطني تربي في طين مصر وشرب من نيلها ونهل السياسة من زعيمها الرئيس مبارك الذي قضي عمره كله لخدمة الوطني وابنائه.. لكن صادفه سوء اختيار بعض معاونيه ممن اضروا بمصر حاضرها ومستقبلها.. وتجاهلوا صيحات الشعب الجائع المريض.. والشباب العاطل.. فجاءت الانتفاضة الشبابية لتطيح بالرؤوس .. وأولها الحكومة والشرطة والحزب الوطني. الرئيس مبارك يستحق منا ان نقول له شكرا.. وان نتركه يستريح وينام قرير العين.. وهذا لن يأتي بالبلطجية الذين يسأجرهم رجال الاعمال واعضاء مجلسي الشعب والشوري والحزب الوطني.. وليس معني هذا ان باقي الاحزاب المعارضة لها وجود في الشارع بل هي ايضا تحمي مفسدين وتجارا بقوت الشعب وفشله السياسة الذين يركبون الموجة. بقي لدي كلمة أخيرة.. وهي عن استهداف مصر كلها بمؤيديها ومعارضيها.. قوي دولية ومنظمات تخريبية تسعي الي تخريب مصر وتدمير اقتصادها لتكون ضعيفة في مواجهة اعدائها.. لقد استغلت مخابرات الدول المختلفة ومنها عربية، الوضع الامني المصري الهش لتخترق المجتمع المصري وتغذي المخربين تحت دعاوي عدة.. الهدف في النهاية ألا ترفع مصر رأسها.. وهيهات أن يحدث ذلك.. وابناؤها صامدون!.