كلما مررت بقناة السويس يرن في اذني صوت الزعيم جمال عبد الناصر بميدان المنشية..وهو يقول : «باسم الأمة.. باسم الأمة.. رئيس الجمهورية.. تؤمم الشركة العالمية لقناة السويس البحرية شركة مساهمة مصرية.. وينتقل إلي الدولة جميع ما لها من أموال وحقوق وما عليها من التزامات».. فلولا قرار التأميم لربما ظلت القناة حتي الآن تابعة لفرنسا.. ومازال الجيش البريطاني يحتل شاطئها بدعوي الحماية.. وربما وجدنا اسرائيل شريكا في ادارتها. رغم انها ليست المرة الاولي التي ابحر فيها بقناة السويس.. أو تدوس قدمي علي رمال ضفافها.. ولكن الاثنين الماضي كان يوما مختلفا.. كوكبة من قيادات «اخبار اليوم» ذهبت لتهنئة الفريق مهاب مميش واللواء ا.ح كامل الوزير والعاملين بالقناة الجديدة بانجازهم الذي يفوق الوصف.. نظرات فخر وسعادة شاهدتها علي وجه وفي عيون زملائي واصدقائي من رؤساء تحرير اصدارات «اخبار اليوم» ومديري تحرير «الاخبار» وقيادات دارنا المحبوبة.. ووجدت ايديهم تلوح لكل عامل نمر به تريد أن تحتضنه.. وتمسح عرقه الطاهر الذي فتح ابواب الخير لكل المصريين. شريط طويل من الاغاني الوطنية اخذ يتردد علي لساني بداية من «حكاية شعب» وقول العندليب «وقولنا هنبني وآدي احنا بنينا السد العالي.. يا استعمار بنناه بايدينا السد العالي».. مرورا «بدع سمائي فسمائي محرقة.. دع قناتي فقناتي مغرقة.. هذه ارضي انا وابي ضحي هنا».. ووصولا إلي «عدينا ياريس عدينا ده قنالنا..وده ارضنا سينا» و«المركبة عدت».. و«ياللي من البحيرة.. وياللي من آخر الصعيد .. ياللي من العريش الحرة أو من بور سعيد .. هنوا بعضيكم وشاركوا جمعنا السعيد».. ووجدتني اقول : «عاش اللي قال للرجال احفروا القنال». لقد كنت من المحظوظين الذين تبللت اجسادهم بمياه قناة السويس النقية.. وجلسوا علي صخور ورمال الجبل الذي ازاله شبابنا لحفر القناة الجديدة.. وكنت محظوظا بالمرور بطول قناة السويس من الشمال للجنوب ومن الجنوب للشمال..ورغم انه لم يطلني الانتظار في البحيرات المرة 11ساعة والتي ستلغيها القناة الجديدة.. فرحلة العبور استغرقت اكثر من 13 ساعة بدأتها من بورسعيد في الواحدة صباحا.. ووصلت خليج السويس في الثالثة او الرابعة عصرا. ما حدث خلال عام باموال المصريين وعزم الرجال معجزة بكل المقايس.. وما رأيته علي ارض الواقع يكذب كل المتشككين..والطابور الخامس وتجار الدماء في الداخل والخارج.. فالفرق بين الماضي والحاضر واضح فقناة السويس الجديدة حفرها الشباب المصري من أبناء هذا الجيل بسواعد فتية في عام واحد وليس عشرة اعوام.. وذهبوا اليها بإرادتهم ليصنعوا المستقبل للأجيال المقبلة.. افرحوا يا مصريين..فالخير قادم..ومصر اليوم في عيد.