جانب من نهر الفرات بعد أن جففه تنظيم داعش بإغلاقه للسدود لم يدخر تنظيم داعش سلاحا أو وسيلة لإخضاع العراق إلا واستخدمها، ومع اعتراف الصحف الامريكية ان داعش ينتصر رغم الحرب المزعومة ضد الإرهاب التي تقودها أمريكا تنذر التحليلات بأن القادم أسوأ. فمنذ ان ظهر التنظيم الشيطاني للوجود وهو يعرف من أين ينهب ثروات العراق لتمويل دولته فبدأ بالاستيلاء علي المناطق الغنية بالنفط ثم استكمل المسيرة ببيع الآثار والنساء والأطفال وحتي الجثث ليملأ خزينته بالدولارات. وكي يحقق المزيد من الانتصارات بدون جهد يذكر كانت المياة هي احد أسلحته الفعالة لإخضاع العراق عبر التحكم في مياه نهري دجلة والفرات بعد استيلائه علي عدد من السدود الهامة. وتحققت آخر فصول المأساة قبل أيام بعد أن استولي داعش علي مساحات شاسعة من مياه نهر الفرات في محافظة الأنبار ليصبح اجمالي ما سيطر عليه التنظيم من سدود استراتيجية ثلاثة في المحافظة هي سد الرمادي، الفلوجة، وناظم الورار. ليس هذا فقط بل قام بإغلاق بوابات السدود الثلاثة، تمهيدا لشن هجمات علي مدينتي الخالدية والحبانية بعد انخفاض منسوب المياه عن المدينتين فضلا عن الاضرار البالغة التي اوقعها في مناطق المحافظاتالجنوبية والوسطي علي ضفاف نهر الفرات وهي الديوانية وبابل وكربلاء والنجف والسماوة. حيث يسعي التنظيم لاستخدام سلاح المياه عبر تحويل مجري نهر الفرات إلي بحيرة الحبانية وإغراق المناطق التي أصبحت تنتشر فيها القوات العراقية في الرمادي. وقد عاد الحديث مجددا عن ملف حرب السدود المسكوت عنه في العراق بعد أن أظهرت الخرائط ان داعش تجفف نهر الفرات وتغير مساراته لتحقق بذلك إحدي نبوءات الرسول (ص) الذي ذكر أن من علامات الساعة أن يحسر الفرات ويتغير مجراه ويكشف في النهر عن جبل من ذهب يقتتل الناس عليه. وقد تحدث أهالي الخالدية والحبانية عن معاناتهم الشديدة بعد انخفاض منسوب نهر الفرات. فضلا عن إتلاف مساحات زراعية شاسعة وقطع مياه الشرب عن سكان تلك المناطق عقابا لهم علي مساندة القوات العراقية مما ينذر بكارثة انسانية.. بينما يخطط داعش للسيطرة علي قضاء «حديثة» منذ عام للتحكم في واحد من أهم وأكبر السدود المائية في العراق، وهو سد حديثة العملاق، ثاني أكبر السدود في العراق بعد سد الموصل الذي سيطرت عليه داعش لفترة ثم تمكنت قوات البيشمركة الكردية من استعادته في أغسطس الماضي. وقد بدأ داعش في استخدام سلاح السدود منذ أبريل عام 2014 عندما أغلق بوابات سد الفلوجة لعرقلة تقدم الجيش في مناطق غرب بغداد. وأغرق مساحات زراعية واسعة وقري وبلدات حتي وصلت مياه نهر الفرات لحدود العاصمة بغداد. وقبل أن يظهر التنظيم للوجود يعاني العراق من سدود ايرانوتركياوسوريا التي قللت من حصته المائية في نهري دجلة والفرات وحذر خبراء عراقيون من الخطر المائي القادم المصاحب لانهاء تركياوسوريا لمشاريعهما علي النهرين. فتركيا وقعت اتفاقية لبناء 21 سداً علي نهري دجلة والفرات وروافدهما الأصلية عند المنابع ضمن مشروع يعرف باسم « مشروع جنوب شرق الاناضول». بينما تحدثت تقارير اخري عن مخطط ايراني يهدف لبناء سدود وتغيير مجري انهار في اقليم الاهواز، لاحتكار مياه الانهار مما سيؤثر علي حصة الاهوازيين ( المعارضين للنظام ) والعراقيين من مياه تلك الانهار وبالتالي تتأثر حصة العراق من النهرين. كما استخدمت المياه كسلاح تكتيكي علي نطاق واسع من جانب كل من داعش والحكومة السورية، بعد استهداف البنية التحتية في سوريا وأحدثت داعش أزمة مياه رفعت أعداد الوفيات وغيرت الخريطة الديموجرافية للمناطق المضارة حيث ارتفعت معدلات الهجرة منها. لكن العراق صاحبة الهم الأكبر في المعاناة التي بدأت منذ الغزو الأمريكي الذي كان يستخدم سلاح إغلاق السدود ايضا لإخضاع المدن العراقية كما تفعل داعش اليوم ، بالإضافة لاستغلال دول الجوار لحالة ضعف النظام العراقي وانشغاله بصراعاته الداخلية، فشيدت المزيد من السدود التي أثرت علي حصة العراق من المياة ليأتي تنظيم داعش ويكمل ما بدأه الآخرون وقد تعلم دروس الماضي جيدا وينفذ مخططه بإحكام جعله يتمدد كالفيروس القاتل في العراقوسوريا دون رادع حقيقي من أحد. لأنه يعرف ببساطة أن السيطرة علي الأنهار والسدود سلاح أهم من النفط.