يتحرك الفندق العائم إلي كوم أمبو بسرعة ثمانية عشر كيلو مترات في الساعة والمسافة بين أسوان وكوم أمبو خمسة وأربعون كيلو مترا وكما ذكرت في مقالتي السابقة ينتهز السياح تحرك الفندق ويراقبون ويصورون الطيور المقيمة والمهاجرة التي تنتشر هنا وهناك كما يستمتعون بالمناظر الخلابة علي جانبي النيل وانتشار الخضرة في كل مكان مجاور للوادي فهناك نخيل البلح ونخيل الدوم و اشجار الجميز والموالح والجوافة والكافور وكل حين واخر يظهر منزل طيني بسيط لمزارعي هذه الاراضي فتتشكل لوحات رائعة الجمال يتم تصويرها كما يظهر المزارعون واسرهم وهم يعملون بهمة ونشاط في عزق الارض او قطف الزراعات وتجميعها او الجلوس اسفل ظلال الاشجار للراحة وتناول الشاي وسط سكون ونقاء لامثيل لهما كما يراقب السياح زوارق الصيد الصغيرة المنتشرة علي سطح النيل وعليها الصيادون كل يقوم بدوره في هذه المهمة الجالبة للرزق فمنهم من يجدف في الاتجاه المطلوب ومنهم من يرفع عصا سميكة وطويلة ويهوي بها علي سطح الماء ليحدث ارتطامها ذبذبات صوت مرتفعة اسفل سطح الماء مما يخيف السمك ويدفعه للانطلاق بسرعة في الاتجاه المعاكس خوفا وهربا فيشتبك بالشباك المنصوبة بدهاء لتشكل مانعا وفخا تقع فيه فيقوم صياد اخر بسحب هذه الشباك الي الزورق حيث يتم تخليص السمك من جدائلها والقائها في صندوق داخل الزورق وتكرر هذه العملية حتي يحققوا الكم المطلوب بعدها يعودوا للشاطيء.. وخلف هذه المناظر وبشكل حاد تظهر جبال ورمال الصحراء الذهبية المحصورة شرقا بين البحر الاحمر والنيل أو تباب الرمال الذهبية المتموجة والواقعة خلف الاراضي الزراعية علي الضفة الغربية للنيل مع اشارتي الي انه رغم برودة الجو الا ان السياح يتسابقون للصعود الي ظهر السفينة فجرا او عند الغروب بعد ارتدائهم الملابس الثقيلة حيث يبهرهم تغيير لون السماء فترة شروق الشمس وغروبها عندما تميل السماء الي الاحمرار نتيجة انعاكس اشعة الشمس في طبقات الجو العليا فيستمتعون بظاهرة الشفق حيث يجلسون في سكون وانظارهم جميعا متجهة للغرب مساء ليتابعوا هذه الانعكاسات الضوئية الجميلة علي السماء وتغيير الالوان وانعكاسها علي صفحة مياه النيل فتأخذ اللون الاحمر لتنقل الجميع لجو ساحر جميل او تتجه انظارهم شرقا في الصباح الباكر ليتابعوا تغيير لون السماء من الاسود الحالك الي الازرق ثم الي اللون الاحمر ثم الي الذهبي ويظهر قرص الشمس في الافق ليعلن صباحا جديدا، وواضح ان لنقاء الهواء والفسحة اللانهائية من الاراضي المسطحة الخضراء والصفراء ومسطح مياه النيل الاثر المباشر علي جمال الوان غروب وشروق الشمس ويؤكد السياح انه بلغهم في بلادهم هذه الظاهرة الطبيعية الرائعة التي تشوقوا جميعا للاستمتاع بها عند زيارتهم لجنوب مصر. يمر الوقت الممتع وسط هذا الجمال الطبيعي ويظهر معبد كوم امبو في الافق فتتوقف الماكينات بعد الرسو امام الجسر المخصص والملاصق لموقع المعبد وتعبر المجموعات بقيادة مرشدها السياحي من الفندق الي الشاطيء ويصعدون الي المعبد حيث يقضون ساعتين في زيارته. وكوم امبو مركز متميز في مجال زراعة القصب وبها احد المصانع الرئيسية لانتاج السكر. كما انها تقع علي الدرب الموصل الي مناجم الذهب بالصحراء الشرقية ومعبدها بناه تحتمس الثالث ثم بني البطالمة علي انقاضه المعبد القائم بها اليوم عندما جعلوها في اواخر ايامهم مقرا لادارة الاقليم الاول والمعبد بوضعه الحالي لثالوثين من معبودات مصر القديمة الاول من حودود »حورس الاكبر« وصاحبته ستانفده »الاخت الطيبة« وابنهما ثابت تاوي »سيد الارضين« والثاني للمعبود سوبك »التمساح« وصاحبته حتحور وابنهما خنسو ويوجد بهذا المعبد متحف صغير للتماسيح المقدسة المحنطة. يعود السياح للفندق وتبدأ المحركات في الدوران ويتحرك الفندق بهدوء شمالا متجها الي ادفو التي تبعد مائة وعشرين كيلو مترا شمال اسوان ويمكن مشاهدة فيلا عبود باشا الحمراء اللون علي مسافة قريبة شمال معبد كوم امبو داخل مستعمرة مصنع السكر وهي المطلة علي النيل واثناء التحرك تقدم وجبة الغداء للجميع كما يتم تفعيل دروس في فنون الطهي المصري يشرف عليها الشيف أو رئيس الطهاة ومعه مساعدوه وجميعهم يرتدون الملابس الناصعة البيضاء بغطاء رأس مرتفع ومميز ويقبل الاجانب علي المشاركة في هذه الدروس بشغف واضح، ففنون الطهي اصبحت تجذب سياح العالم في الاونة الاخيرة بطريقة غير مسبوقة.