الثراء بالمال أو بالتملك، هو المحرك الرئيس لجميع أنشطة الافراد والجماعات والدول، فقد يكون الثراء بالمال ولعاً بجمع الأموال، أو إشباعا من حرمان مضي، أو خوفا من احتياج محتمل، أو تأمينا لورثة بانقضاء الأجل، أو آت من ميراث وفير، ويغير مسار حياة الوريث، أو تعويضا لعجز أو عاهة أو في أحسن أحواله، إنفاقها في وجه الخير وإسعاد الغير، أما الثراء بالتملك، فقديكون طمعاً في تكوين عزوة، أو تحكما في عمل جماعة، أو يرقي إلي تحسين بيئة، أو رفعة علم يجلب ثمارا وفيرة، أما عند الدول، فهو استغلال استعماري، أو استثمار ودي. أما الثراء من العمل، فلا يجب أن يكون مقصودا، وإلا ضعفت جودته وحسن أدائه، وربما أفسد صاحبه إلا ما يرد منه تلقائيا، لشهرة أو حذق أو مهارة، فلا يستحل أن يأتي عن ضيق أو حاجة شديدة لدافعة، بل ومحظور، أن يكون هدفا لممارسة مهن سامية كالطب والمحاماة والتعليم وغيرها، فإتقان العمل وصية مقدسة، وفي الحديث »إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه« أو المادة 36 محاماة. وبذلك يختلف الثراء الوارد عن الأجور والمهايا والأتعاب، وهي التي تفي بالحد الأدني من المعيشة، ويزداد عند الكادح بيده، والمثابر بفكره وذكائه، وجميعها هبة من السماء وهبها الله لخاصة من عباده، وكافأهم عنها، وقدنظمها قانون المحاماة منعا للخلاف وغياب الرضا أو المغالاة بين المفيد والمستفيد م 88/99 محاماة، وعلي كل منهما الوفاء بعهده حتي يلغي الالتجاء للقضاء عملا بالمادة 48 محاماة، فما أعذب المال الآتي من تعب وبذل، والأكثر منه عذوبة، أن تقدم المساعدات القضائية لغير القادرين والمعسرين م 46/39/79 محاماة. فالعلاقة التعاقدية محكومة، بل وواجبة علي الهيئات العامة »م06 محاماة« ومن الضروري أن تصبح وجوبية علي الأفراد »م 09 محاماة«، وشرطاً قائما لمثول المحامي أمام القضاء، ومكملا لوكالته كما هو سار علي التدخل الطبي المغير لطبيعة الجسم فالقانون يكفل حماية المحامي »م 28«. ويميز اقتضاء أتعابه علي أي دين غير حكومي آخر، إعمالا لقوله تعالي : »إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا«، أي أن الله قدم عمل الإنسان علي مقدار ماله أو ملكه أو علو منصبه. وهناك بعض الدول التي أعدت قوائم لتسعير أتعاب المحاماة، وإن كان معظمها لم يطبق نظراً للفوارق الكبري بين مختلف القضايا ومكانة رافعيها ونوعياتهم، والفائدة العائدة علي أصحابها وقد وضعت التقدير علي أساس الجهد المبذول وعدد الساعات التي تمضي في البحث عن الدفاع، حتي لا يخضع لأخلاقيات الموكلين المتباينة، مثل الموكل الظالم الفاجر المراوغ. أو الموكل المظلوم الجاحد. وقد استشعرت رابطة المحامين الأمريكية الحرج الشديد للمحامي، أو موكلة عند تقدير الأتعاب، فاقترحت جدولا اختياريا، مثلا بمبلغ 53 دولاراً لعمل التوكيل، و 05/001 دولار لعقود الايجار، و05 للإطلاع والفحص، يضاف إليها 1٪ عن قيمة الدعوي، و54 دولاراً عن كل ساعة للإستشارة، و003 عن البيع أو الشراء، بإضافة 12٪ من القيمة و051 عن الهبات والوصايا، و005 عن الزواج، و0001 عن الطلاق، كذلك 001/003 عن حضور كل جلسة، و001 للمخالفات البسيطة، و005 للجنح، و0001 للجنايات أو لحضور جلسات بعيدة عن مقرالمحكمة الأصلي، كما أوصت بأن يؤمن المحامي علي عمله ضد الاخطاء المهنية، أو الإضرار التي تلحق بالموكل، وذلك أسوة بالتأمين علي عمل الأطباء ضد الأخطاء المهنية، ويمكن تطبيق ذلك التأمين علي أخطاء كبار المحامين أجباريا، واختياريا لصغارهم. وعلي الموكلين أن يقدروا الأتعاب الإضافية عندما تتفرع عن الدعوي الأصلية، بإعتبار أنها في صالح الموكلين. أما أتعاب المحاماة التي تحكم بها المحاكم في ذيل منطوقها، فلا أحد يدري لماذا أو لصالح من حكم بها سوي لمحامي الحكومة أو المتطوعين بغير أجر!!.. وللحديث بقية مع الحلقة الأخيرة.