كما شمت الإخوان وحدهم بشكل غير أخلاقي في رحيل الملك عبدالله، فإن الإيرانيين والإرهابيين وحدهم أقلقهم تولي الملك سلمان سدة الحكم في السعودية ومعه الأمير مقرن وليا للعهد والأمير محمد بن نايف وليا لولي العهد.. فهم يخشون انتهاجه سياسة حاسمة وصارمة ضد الجماعات الإرهابية التي تعربد في المنطقة، والاصرار علي مواجهة التمدد الإيراني في المنطقة.. وحتي المحللين الذين يعتقدون أن الملك سلمان ستكون خطواته الاصلاحية داخليا أبطأ من الملك عبدالله الذي أطلقوا عليه لقب الاصلاحي الحذر، فإنهم لا يتشككون في حزم الملك الجديد ضد التشدد والإرهاب، وأيضا هذا التوسع والتمدد الإيراني الذي ما ان تمت السيطرة عليه في البحرين حتي اخترق اليمن برعاية الانقلاب الحوثي فيها. وسوف يساعد الملك سلمان علي ذلك نجاحه في ترتيب البيت الملكي السعودي بتلك القرارات التي أسرع باتخاذها بعد ساعات قليلة فقط من توليه مسئولية الحكم في المملكة، والتي تمثلت في تعيين الأمير محمد بن نايف وليا لولي العهد ونائبا ثانيا لرئيس الوزراء مع احتفاظه بوزارة الداخلية، وابنه الامير محمد سلمان رئيسا للديوان ووزيرا للدفاع ومستشار خاصا له وحمد العوهلي رئيسا للحرس الملكي، مع بقاء بقية الوزراء في مواقعهم.. فإن صدور مثل هذه القرارات بهذه السرعة يترجم قدرا من التوافق داخل العائلة المالكة، وهو توافق كان متوقعا أن تحظي به قرارات الملك سلمان، نظرا لدوره التاريخي داخل العائلة كأمين سر لها ومعالج لاية خلافات كانت تثور داخلها.. ولذلك قد لا يكون هناك مجال لتلك التوقعات التي تحدث عنها البعض حول احتمالات حدوث اعتراضات مستقبلا داخل العائلة علي الصعود السياسي للأمير مقرن ولي العهد حاليا، خاصة أن هذا الصعود بدأ ومازال الملك عبدالله علي قيد الحياة.. كما أن العلاقات الطيبة مع رجال المؤسسات الدينية التي يتميز بها الملك سلمان فإنها لم تمنعه من تحديث مدينة الرياض وهو مسئول عنها لسنوات طويلة، وبالتالي لن تمنعه من تحديث الحياة في المملكة كلها علي عكس ما يخشاه البعض. وهكذا.. اذا كان الملك سلمان سيكون حازما في مواجهة التطرف والإرهاب فلنا أن نتوقع استمرار المملكة العربية السعودية في مساندتها لنا في مصر بذات القوة ايمانا منه بأن مواجهة الإرهاب تحتاج التحالف القوي مع مصر. وفي ذات الوقت لنا ان نتوقع أن الملك سلمان سوف يستثمر علاقاته السابقة مع الأمريكان في احتواء النتائج السلبية علي الدول العربية الناجمة عن الاقتراب الامريكي الايراني الحالي.. وهنا سوف تظل السعودية حريصة علي دورها في كثير من الملفات الخاصة بالمنطقة، خاصة ملفات العراق وسوريا ولبنان واليمن، وقبلها ملف احتواء قطر حرصا علي تماسك البيت الخليجي والبيت العربي كله. اذنا.. نحن أمام استمرار حاسم استراتيجي للدور السعودي في المنطقة مع بعض التغييرات التكتيكية التي تفرضها تطورات مواجهة الإرهاب، وأيضا شخصية وأسلوب الملك الجديد.