عم وردانى : أعشق رائحة القطن لأنها تفوح بالمال الحلال « أعشقه رغم أنه مصدر تعبي.. فهو الأصل والباقي تقليد».. بهذه الكلمات المرهفة بدأ أحمد الورداني، أو كما يلقبونه ب « عم ورداني»، منجد بلدي، والذي يبلغ من العمر 60 عاماً حديثه إلينا ليتغزل في « القطن» وكأنه يتغزل في محبوبته، مما يثير دهشة كل من حوله... ذاك الرجل الذي حين تشاهده يجلس القرفصاء وسط أجولة القطن والإبتسامة البشوشة ترتسم فوق وجهه وكأنه يجلس وسط بستان من الزهور. يقول « عم ورداني « : « أعمل منجدا بلديا منذ 44 سنة، وكان وقتها سعر قنطار القطن ب 60 قرشا، وأقل من هذا الثمن أحياناً وكان الطلب علي شغلي يومياً «. وعن مخاوفه يروي لنا : « للأسف ما يخيفني اليوم هو أن هذه المهنة أوشكت علي الإندثار بعد ظهور التنجيد الجاهز والمفروشات الجاهزة من مراتب ووسادات وألحفة وإقبال الأسر علي شرائها، فلم يعد يطرق بابي، سبحانه مغير الأحوال فاليوم أصبحت مُهددا أنا وأسرتي، وأصبح المنجد مهمشاً، بعد أن كان قديماً أكثر الحرفيين صيتا وسمعة، حيث كانت تعقد الإحتفالات في وجوده، وكان الناس يكرمون ضيافته فيما يظهر المستوي الإجتماعي ووضع للعائلة في مدي سخائها وكرم ضيافتها له». وعن الخطوات المُتبعة في التنجيد يقول « الورداني» : « نقوم بتنفيض القطن بالعصا، ثم يتم ضربه بالقوس حتي يتم تفكيكه ثم نقوم بتخييط القماش وملئه بالقطن، وبعد ذلك نقوم بعمل الغرز المناسبة للحاف أو المرتبة، وتنجيد العروسة يحتاج إلي 3 قناطير من القطن «. أما عن طبيعة المهنة فيقول : « تنقسم صناعة التنجيد إلي قسمين رئيسيين الأول: التنجيد البلدي والثاني : التنجيد « الإفرنجي» وهو الذي يقوم بتنجيد كراسي السفرة والصالون، قطن التنجيد هو قطن الحلج وتنزع البذور منه، ومازالت تلجأ له الطبقات الغنية وخاصة في الأرياف التي تعتز بمكانتها الإجتماعية وتنام علي فراش من القطن الأصلي كما هو معروف في صعيد مصر حتي الآن ، ويعتبر القطن صحي أكثر من المراتب الجاهزة، وأي مرتبة جاهزة حديثة ثمنها أقل من 4000 جنيه، تكون مُقلدة ومصنوعة في « بير السلم»، ولكني علي كل حال ورغم كل الظروف الجديدة في سوق التنجيد سأظل أعمل منجدا لآخر يوم في عمري لأنني عشقت هذه المهنة، فبالرغم من كبر سني وأعاني من تعب بصدري نتيجة لتعاملي مع القطن، إلا أنني أعشق رائحته، لأنها تفوح بالمال الحلال «.