يعد المد الشيعي أحد أخطر التحديات، التي تواجه الأمة العربية والاسلامية، لاسيما في الآونة الأخيرة، بعد ان اصبحت إعادة إحياء الامبراطورية الفارسية، أملا يداعب الصفويين الإيرانيين.. كان مصطلح الهلال الشيعي قد ظهر لأول مرة علي الساحة العربية، علي يد الملك عبد الله الثاني ملك الأردن، وذلك خلال زيارته لامريكا، في ديسمبر عام2004، عقب الاحتلال الأمريكي للعراق، عندما حذر من وصول حكومة عراقية موالية لإيران، تعمل بالتعاون مع طهران ودمشق، لإنشاء هلال يخضع للنفوذ الشيعي، ويمتد إلي لبنان، ويخل بالتوازن القائم مع السنة، مشيرا الي أن إيران تجد مصلحتها في إقامة جمهورية إسلامية في العراق. ورغم ان البعض يري استحالة قيام هلال شيعي، يمتد من إيران إلي البحر المتوسط، مستندا في ذلك إلي بعض العوامل، منها: عدد السكان، توزيع القوي الاقتصادية، توزيع موارد الطاقة، والقوة العسكرية الا ان المد الشيعي حاليا اصبح حقيقة وواقعا يحياه القاصي والداني. فعندما سقطت العراق بتواطؤ أمريكي وإيراني كانت الدول العربية قد وقعت في خطأ استراتيجي سيمتد اثره لعشرات السنين، وسيتضرر من ذلك معظم دول الخليج خصوصًا السعودية. لقد خرج رئيس الاستخبارات السعودي السابق الأمير تركي الفيصل ليؤكد في محاضرة له بعمَّان أن أمريكا طلبت من السعودية عدم التدخل في الشأن العراقي لمدة ثلاث سنوات منذ دخول الاحتلال. وإذا كانت إيران المستفيد الوحيد مما جري؛ حيث باتت العراق ساحة خلفية وذراعًا تستخدمه ضمن سياستها الخارجية في التفاوض مع الدول الغربية، فإن الدول الخليجية باتت بين فكي كماشة واوشكت الدائرة التي تلتف حولها علي الاكتمال. ومع تحكُّمها في مضيق هرمز والخليج العربي واحتلالها لثلاث جزر إماراتية تتواجد إيران بقوة اقتصادية وبشرية هائلة في الإماراتوالبحرين والكويت والمنطقة الشرقية بالسعودية، وتسعي حاليًا لمدِّ ذراعها إلي شمال اليمن المتاخم للحدود السعودية عبر دعمها اللوجيستي لجماعة الحوثي الشيعية. وبدأت إيران تصعِّد من لهجتها في إيجاد منافذ لها علي باب المندب وخليج عدن، وفتح جبهة جديدة لزيادة رصيدها لدي أمريكا والغرب في حال دخول إيران في مفاوضات قادمة، وهوما يلوح في الأفق. المد الشيعي حاليا لايقف عند حدود سورياولبنانوالعراق واليمن بل يحاول الانطلاق الي دول اخري حيث تحاول ايران تصدير الفكر الشيعي الإيراني علي أوسع نطاق في المنطقة الي دول الخليج والاردن ومصر والسودان والجزائر والمغرب. ورغم ان ايران نفت دائما مخططات نشر الفكر الشيعي وتعتبرها مجرد اتهامات اوافتراءات الا ان التصريح الاخير لعلي أكبر ولايتي مستشار الشؤون الدولية لمرشد الجمهورية الإسلامية في إيران،عندما اكد إن نفوذ ايران بات يمتد من اليمن إلي لبنان وهوما يؤكد ان ما يحدث في بعض الدول العربية من توترات، لم يكن من قبيل الصدفة، أوبهدف التغيير السلمي للسلطة، فالأوضاع في اليمن التي توترت هذا العام والمعارك التي تقودها الجماعة الحوثية الشيعية، وحروب سوريا ودخول حزب الله علي خط الصراع، وتوترات السعودية، وأزمة البحرين، والمشاكل السياسية في لبنانوالعراق، ما هي إلا مخطط شيعي، تقوده إيران للسيطرة علي المنطقة العربية. إيران لم تحاول إخفاء خططها الطائفية، كما كانت تفعل من قبل بل الان يتفاخر زعماءها بالتوترات التي قادتها طهران في المنطقة العربية، مؤكدين أن دولا عربية وقعت بالفعل تحت تأثير التدخل الشيعي، وأصبحت اليمن إلي جانب العراقوسورياولبنان مناطق نفوذ شيعية كبيرة لإيران في المنطقة العربية وأن البقية تاتي.. ولم تكن تصريحات ولايتي هي الأولي من نوعها، بل سبقها تصريحات عديدة من قيادات إيرانية رفيعة المستوي، أكدت علي تغلغل النفوذ الإيراني في المنطقة العربية فعقب سقوط صنعاء في ايدي الحوثيين، قال علي رضا زاكاني نائب مدينة طهران في البرلمان الإيراني، والمقرب من المرشد الإيراني علي خامنئي إن ثلاث عواصم عربية أصبحت اليوم بيد إيران، وتابعة للثورة الإيرانية الإسلامية، مشيرا إلي أن صنعاء أصبحت العاصمة العربية الرابعة للثورة الإيرانية. وأشار إلي أن منطقة الشرق الأوسط تتجه الآن إلي تشكيل قطبين أساسيين، الأول بقيادة امريكا وحلفائها من العرب، والثاني بقيادة إيران والدول التي انخرطت في مشروع الثورة الإيرانية.واعتبر زاكاني ان الثورة اليمنية امتداد طبيعي للثورة الإيرانية، وأن 14 محافظة يمنية سوف تصبح تحت سيطرة الحوثيين قريبا من أصل 20 محافظة، وأنها سوف تمتد وتصل إلي داخل السعودية، قائلا: «بالتأكيد فإن الثورة اليمنية لن تقتصر علي اليمن وحدها، وسوف تمتد بعد نجاحها إلي داخل الأراضي السعودية، وإن الحدود اليمنية السعودية الواسعة سوف تساعد في تسريع النفاذ إلي العمق السعودي»، علي حد زعمه.