كل سنة وأنت طيب .. هذا العام سأقولها مختلفة كل سنة وأنت طيب لكل صديقة وصديق لعمري، عزيزة وعزيز علي نفسي ، زميل وزميلة في عملي، أخ وأخت في مسيرتي، ابن أو ابنة في حياتي .. أقولها لكل مسيحية ومسيحي .. شاركاني وطني وحياتي، سارا معي في نفس طرقاتي، وحفر الزمان في عقولنا نفس الذكريات ، ورسم لنا القدر نفس الخطوات ، واستحلفنا الوطن بنفس التبعات والالتزامات والمسئوليات، وأوصتنا أمنا مصر بنفس الوصايا .. أقولها لكم .. وهي تحمل تأكيدا أقوي بأنني أريدكم بالفعل طيبين ، وأحسن حال ، و أكثر أمانا ، وأسعد عمرا ، وأفضل طمأنينة ! أقولها لكم ليس كتأدية واجب عاجل ، أو كأمنية عابرة ، أو كتعبير لايتعدي معاني اللفظ .. بل أقولها لكم فعلا بروحي ، وأكتبها لهم بدماء شراييني ، وأنقشها بدموع عيني .. أقولها لكم ، ليس نفاقا ، أو زيفا ، أو اضطرارا ، أو تمريرا .. أقولها لكم ، وأنتظر منكم أن تقبلوها مني كما اعتدتم أن تقبلوها ، وكما اعتدتم أن تبتهجوا لها .. وأن تردوها لي بنفس الحب "وأنت طيبة " .. أقولها لكم ، وأنا اعتذر عن ذنب لم أفعله ، وتعلمون جيدا أنني كذلك ، وتعلمون أن يدي التي صافحتكم طوال العمر لم تكن ابدا لتمتد إليكم بالخيانة ،أو أن سلامي لكم لم يكن مجرد كلاما ، أو أن أمنياتي لكم لم تكن سرابا .. أقول لكم أن عيدكم ..عيدي .. وإن صلاتكم صلاتي .. وإن دعاءكم دعائي ..وأن إيمانكم إيماني وإن ربكم ربي .. أقولها لكم وعيني تملؤها دموعي .. ومعنوياتي تكسرها شجوني .. وأحلامي تغمرها كوابيسي .. أقولها لكم وعقلي تغتاله مشاهد عراق وسودان ولبنان وفلسطين ويمن! أقولها .. وأنا أنتفض بقلب يائس يبحث عمن يحيي منه الروح ، وعقل مختلط أمره يناشد من يشرح له أمره .. وجسد خائر يرجو من يلملم له أجزاءه .. أقولها لكم هذه المرة رغم المرارة.. حقيقية ..أكيدة عالية .. آملة .. ساعية للخير .. منسوجة ببهجة لون العيد، وبأمنية حق العيش لكم والعدل والمواطنة والأمان، وبألا يمس أيا منكم الضرر ، أو يغشاه الخوف ، أو يعتريه اليأس .. أقولها لكم .. كي لاتستسلموا لدعوات انتزاعكم من حضن الوطن .. فالوطن وطنكم ومصر مصركم هو وطننا معا وهي مصرنا معا .. والأمن أمننا معا أليس من حق الوطن علينا أن نتمسك به ؟ وأليس من حق مصر أن نبقيها بداخلنا، وأن نسكُنها بحبنا وتسكُنا بخيرها ونورها ؟ لقد فعلنا ذلك عبر تاريخ الوطن . وسنظل نفعل ، أليس كذلك ؟ أريد من يطمئنني في عيد الميلاد المجيد .. أن وجودنا معا يولد مع مولد كل يوم جديد . مسك الكلام .. سَألتُ مصر عن جنسيتها .. هل أنت مسلمة ام مسيحية ؟ أشاحت بوجهها عني غاضبه .. ثم رفعت رأسها عاليا شامخا وقالت : أنا لكل الأديان وطن !