ألف باء الإسلام التيسير علي الناس وتجنيبهم أي مشقة تؤدي إلي أذي, فعندما تستفتح بالذي هو خير وتقرأ في الصفحات الأولي بكتب الفقه الإسلامي تجد ذلك جلياً في باب التيمم حيث يحكي عمرو بن العاص رضي الله عنه إنه لما بُعث في غزوة ذات السلاسل احتلم في ليلة باردة شديدة البرودة واشفق علي نفسه من أن يغتسل كي لايهلك فتيمم ثم صلي بأصحابه صلاة الصبح, فلما قدم علي رسول الله صلي الله عليه وسلم ذكر الصحابة ذلك للنبي فقال : (ياعمرو.. صليت بأصحابك وأنت جنب ؟!)فقلت: ذكرت قوله تعالي: (ولاتقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيماً )فتيممت ثم صليت فضحك رسول الله ولم يقل شيئاً. ويكره ديننا الإسلامي الحنيف أشد مايكره التنطع والتشدد في الدين لأنه يؤذي الأفراد ويدمر المجتمعات,فكم من فتوي قتلت أناساً أبرياء وخربت بلاداً عامرة ولو يعلم أصحاب هذه الفتاوي الطائشة أن الحبيب المصطفي صلي الله عليه وسلم دعا علي أمثالهم بالهلاك لأنهم يفسدون حياة الناس لتركوا ما لايعنيهم وركزوا فيما يعرفونه فقط , ففي حكاية مأساوية من مآسي الافتاء بغيرعلم يقول الصحابي الجليل جابر بن عبد الله رضي الله عنه :خرجنا في سفر فأصاب رجلاً منا حجر فشجه في رأسه, ثم احتلم فقال لأصحابه: هل تجدون لي رخصة في التيمم فقالوا: مانجد لك رخصة وأنت تقدر علي الماء فاغتسل فمات فلما قدمنا علي رسول الله عليه الصلاة والسلام وأخبرناه بذلك غضب وقال : (قتلوه قتلهم الله, ألاسألوا إذا لم يعلموا إنما شفاء العي السؤال ,إنما كان يكفيه أن يتيمم ). كتب التربية الدينية بمراحل التعليم قبل الجامعي مازالت عاجزة عن تحصين أبنائنا ضد التنطع والتشدد لأنها مفتقرة لأبسط مبادئ التقويم التربوي والإرشاد الديني.