من الصعب علي أن اصف شعوري نحو الجريمة الخسيسة البشعة التي أصابت كل المصريين في مقتل.. وهي جريمة التفجير الإرهابي أمام كنيسة القديسين مارمرقس والأنبا بطرس بالاسكندرية ليلة رأس السنة الميلادية. ومن الصعب جدا أن أجد من قلمي أو علي لساني كلمة واحدة لم تقل أو تكتب.. لأن هذا الحادث قد هز كل المصريين بشكل لم يحدث في مأساة مشابهة ليس لان المصريين أصبحوا متبلدي المشاعر.. ولكن لأن بشاعة الحادث وتوقيته وعدد ضحاياه ومكان الجريمة.. كل ذلك جعل كل المصريين يشعرون بالخوف الشديد.. ليس مما حدث.. ولكن مما قد يحدث. هذه الوقفة المصرية المتوحدة لم تحدث من زمن بعيد.. وهي لم تحدث من فراغ.. فالرئيس بادر بنفسه بعد ساعات قليلة من الحادث بأن وجه كلمة إلي الشعب تقديرا منه لفداحة المصاب الوطني.. وكل رجال الدولة ورجال الدين الإسلامي قبل المسيحي بادروا بإعلان استنكارهم للحادث ووصفه بكل الصفات الممكنة التي تضعه في مكانه الصحيح.. ويجيء بعد كل هؤلاء آلاف المبادرين بالعزاء والاستنكار والهجوم علي كل رموز الإرهاب ومرادفاته.. والتأكيد علي وحدة النسيج الوطني. من أجل كل ذلك.. ليست هناك كلمة تضاف إلي كل ما قيل أو كتب.. لكنني ربما أضيف مشاركة مني في حادث هزني كما هز مصر كلها.. وطعنني في قلبي كما طعن مصر كلها. وما أردت أن اضيفه سبقني إليه قداسة البابا شنودة.. عندما طالب الشباب المسيحي بالتحلي بالحكمة للحفاظ علي استقرار الوطن.. وطالب أقباط المهجر بالاقتداء بالكنيسة الأم وعدم النفخ في النار التي هي مشتعلة عن آخرها. البابا شنودة الحكيم قال إن تظاهرات كثيرة قد حدثت والكثيرون ركبوا الموجة باسم التعاطف مع احداث الاسكندرية وهم بعيدون عن هذا الهدف.. وأن هتافات البعض قد تجاوزت كل ادب وكل قيم وهذا أمر لانرضاه ولايمكن أن يصدر عن مسيحي أو حتي مسلم يتمسك بالقيم والخلق الكريم. وحاول البعض استخدام العنف وليس هذا باسلوبنا اطلاقا.. وان عناصر تكلمت باسم الاقباط وهم بعيدون عن الاقباط وقيمهم واساليبهم. البابا شنودة طالب الناس جميعا والمسيحيين خصوصا بالهدوء لانه بالهدوء تحل جميع المشكلات.. ومنع احتفالات عيد الميلاد لن يحل المشكلة لذلك فهو سيترأس الليلة قداس عيد الميلاد لأن عدم الاحتفال يعني عدم الالتزام بتعاليم الدين. أرجو أن تكون كلمة البابا شنودة رادعة لكل من يحاول تصعيد الأمور.. وان تكون قاضية علي أي فم يستجمع بعضا من هواء ينفخه في النار. كلمات حكيمة في وقت نحتاج فيه الي الحكمة وليس الي النفخ في النار.. وقت نحتاج فيه الي الحكماء وليس الي المتاجرين بآلام الناس والضغط علي جراحهم كي تعلو صرخاتهم. مصر هي وطننا جميعا. وهو وطن كل مسلم وكل مسيحي.. وأي محاولة للتفرقة بينهما ستدمر الوطن كله.. انه ليس ماء وزيت يمكن فصلهما بسهولة.. انه نسيج واحد اذا حاولت ان تنزع منه فتلة واحدة.. انتهي الثوب كله.حذار ان نقترب من هذا الأمر. أرجو أن تهدأ الامور ونترك اجهزة التحقيق تمارس عملها لكشف ملابسات الحادث وتعقب الجناة وعقابهم بأشد عقوبة خلقها ربنا. وارجو ان تتقبل اسر الضحايا الشهداء الابرياء تعازيَّ.. وتعازي كل مسلم.. ونحن نعلم انهم يعرفون مدي حب المسلمين المصريين للمسيحيين المصريين بلاشك.. إذا كانت وقفة المسلمين مع اخوانهم في الكنائس الليلة تحقق هذا الأمل.. فكلنا سنكون هناك.