مع تواشيح الفجر.. ونسمات الجو الباردة.. وسط هدوء تام في الشارع يبدأ محمد يومه متوكلًا علي الله حيث يقوم بسحب عربة الفول متوجهًا إلي وسط القاهرة.. ليبدأ في إعداد أطباق الفول الشهية بالزيت الحار أو زيت الزيتون أو الطحينة وفقًا لرغبة كل زبون. ولابأس من بعض قطع البيض المسلوق بالإضافة إلي طبق «السلطة » الخضراء وقليل من الباذنجان المقلي أو المخلل. ورغم أنه يبيع الفول في الشارع إلا أن زبائنه من كل الطبقات، حيث يجد الكثيرون في طبق الفول الذي يقدمه مذاقًا خاصًا محببًا للنفس. يبدأ محمد في تحضير أول طبق فول في الساعة الرابعة والنصف وينتهي في الساعة الواحدة ظهرًا ليعود إلي بيته في تمام الساعة الثانية ظهرًا ليقوم بتسوية الفول لليوم التالي من الثالثة ظهرًا وحتي الثالثة فجرًا. عندما تنظر إلي عربته تجد عبارة كبيرة اسمها «فول المدير» بالإضافة إلي عبارات أخري مثل «توكلت علي الله «و الرزق بيد الله». اقتربنا منه وهو يحضر أحد أطباق الفول حيث يضيف الزيت الحار مع الليمون ثم يقوم بوضع الخليط في العيش البلدي. حركات سريعة تعكس اتقانه في مهنته. يقول محمد إن أول ما أقوم به عند وصولي بالعربة إلي مكاني هو تنظيف المكان ثم بعد ذلك أقوم «برش المياه « حتي يكون المكان نظيفًا ثم أبدأ في وضع «العدة » من أطباق و«معالق» و«شوك» مضيفًا أن زبائن عربة الفول من كل الفئات، فهي «الأكلة » الوحيدة التي يشارك فيها الغني الفقير مؤكدًا أنه يقدم الوجبات إلي كل المستويات بداية من عامل النظافة إلي الموظفين وأصحاب المناصب الذين يعملون في جهات قريبة مشيرًا إلي أن الفول هو «مسمار البطن «و لذلك أقوم كل يوم بالبحث عما هو جديد حتي ألبي رغبات الزبائن. و يبقي السؤال الاهم لماذا يفضل الزبون طبق الفول من علي عربة الفول وليس المطعم ؟! يقول محمد ان صاحب المطعم يقوم بإعداد الفول والطعمية والبطاطس والمسقعة والشكشوكة ولذلك فالفول احد الوجبات التي يقدمها المطعم اي انه شيء ثانوي اما عربة الفول فهي تركز في الاساس علي طبق الفول وليس شيئًا آخر فاهتمامي كله ينصب علي الفول فقط ولذلك اقوم باختبار بعض البهارات والزيوت لكي اصل إلي طبق فول يكون بالنسبة للزبون افضل من اي مطعم.. اما بخصوص اسم المدير الذي كتبه محمد علي العربة فيقول هو نوع من الوفاء إلي احد الاشخاص الذين تتلمذت علي يديه منذ 12 عامًا فقمت باستئذانه لكي اقوم بكتابة هذا الاسم علي العربة كنوع من تقديري له لانه علمني كيف اصنع طبق فول يشتاق إليه جميع الزبائن مشيرا إلي انه يقدم وجبة الفول بثلاثة جنيهات ونصف الجنيه اما اذا كانت بالبيض فيكون سعرها خمسة جنيهات وهو سعر مناسب لوجبة كاملة ولا أخفي عليك ان مكسبي بسيط جدا. لكن الحمد لله فسعادتي الحقيقية هي رضا الزبون . إسلام الراجحي