آلمني أشد الألم مانقلته الصحف وبعض محطات التليفزيون عن تعرض المسئولين الذين يمثلون الأزهر الشريف والحكومة الي القذف بالطوب وتوجيه الاهانات اثناء زيارتهم لكاتدرائية العباسية لتقديم واجب العزاء للبابا شنودة في ضحايا حادث الاسكندرية الخسيس، ماقام به المجتمعون المتجاوزين في الكاتدرائية كان أمرا لايليق . انه سلوك لا يتوافق مع واجبات الضيافة والاخوة ويتنافي تماما مع المشاعر الفياضة الحزينة التي كانت دافعا لهذه الوفود للتوجه الي الكاتدرائية . ولعل ما يخفف من آلام هذا التصرف استقبال البابا شنودة ومعاونوه الذي اتسم بالترحات والتهبير عن الشكر لشعور الضيوف ومشاركتهم احزانه ومؤكدا ان ماحدث في الاسكندرية موجه اساسا الي مصر الوطن الذي يجمعنا جميعا كمصريين. لاجدال أن مثل هذا السلوك الذي لايمكن بأي حال ان يكون انعكاسا لمشاعر الاخوة الاقباط المكلومين الذين يدركون تماما حجم الصدمة التي اصابت في الصميم جموع المصريين المسلمين قبل الاقباط خوفا علي وطنهم ووحدتهم التي هي اساس قوتهم وقدرتهم علي مواجهة كل الصعاب والمؤامرات. لايمكن وصف ماتعرض له زوار الكاتدرائية من تهجم سوي بأنه سوء سلوك لايتفق ابدا وصدق النوايا والقصد وخروج عن الروح المصرية الاصيلة وماعرفناه طوال عمرنا عن اخواننا الاقباط من تسامي اخلاقي والتزام بالقيم والتقاليد. واذا كان ماحدث قد صدم هذه الوفود وانتقل صداها الي الشارع المصري فإنه في نفس الوقت كان مفاجأة غير سارة وسط أحزان البابا شنودة الذي عّبر عن رفضه التام لها. لاشك ان الذين قاموا بهذه الاعمال داخل الكاتدرائية هم افراد فاقدون حاسة الادراك والتقدير والذوق. ولقد تعدي هذا السلوك الخارج عن كل الاصول الاعتداء علي رجال الامن الذين كانوا هناك لمواجهة اي عمل ارهابي أو خروج عن النظام وهو ما أدي وللاسف الشديد الي اصابة عدد من الضباط والجنود. لم يقتصر الأمر علي ماجري في الكاتدرائية من تجاوزات مرفوضة وانما كانت هناك ايضا تجمعات احتجاجية خرجت عن حدود النظام والانضباط والتعبير المسالم عن رفض جريمة كنيسة القديسين في الاسكندرية. هذه التجمعات غير المسئولة لجأت الي قطع المرور بالطريق الدائري والمحور واعتدت علي بعض السيارات . وتقديرا للظروف الصعبة وللمشاعر الغاضبة فقد التزمت قوات الأمن بضبط النفس ليجيء تدخلها في غاية المسئولية جانحا في التعامل الهاديء الناعم مع هذه التجمعات والعمل علي الحد من تجاوزاتها رغم الاستفزازات، هذه السلوكيات اثارت البابا شنودة عندما علم بها وهو ماجعله يستنكرها في لقائه التليفزيوني مع الزميل الاعلامي عبداللطيف المناوي مشيرا الي الذين وراء هذه الممارسات هم عناصر خارجية تسعي الي ركوب الموجة سعيا الي اثارة الفتنة وهز استقرار الوطن. بالطبع فإنه لا أحد يمكن ان يعترض علي ان يعبر كل المصريين اقباطا ومسلمين عن رفضهم لهذا الارهاب الاسود الذي استهدف ارواح الابرياء ويسعي الي اشعال نار الفتنة أملا في ان تعصف بأمن واستقرار مصر التي يتربص بها الاعداء ولكن كان من الضروري الا تصل التشنجات التوترات الي الحدود المرفوضة. لقد اصبح لزاما ان يفهم كل من يعيش علي أرض مصر وينتمي لترابها ان ماحدث في الاسكندرية موجه لكل المصريين المسلمين قبل الاقباط وان المصاب هو مصاب الجميع . من هنا فإن الواجب الوطني يحتم علي كل فرد ان يضع نصب عينه العمل علي افشال اهداف هذا السلوك والذي لايتأتي سوي بالتصدي الواعي لتلك العناصر الموتورة غير المسئولة التي تريد صب الزيت علي النار لاشعال نار الفتنة التي سوف تحرق الجميع وبلا استثناء. ان هذه المرحلة الدقيقة التي نمر بها . والي ان تزول هذه الغمة فاننا جميعا مطالبون بمواجهة منا جميعا مواجهة الموقف بحكمة وثبات وان نكون في غاية الحذر واليقظة والاستنفار وان نعمل يدا واحدة من أجل اجهاض هذا المخطط التآمري الارهابي. من المؤكد ومن واقع تجارب التاريخ القديم والحديث ان الشعب المصري بكل اطيافه يملك القدرة علي التحدي والوقوف سدا منيعا امام الطامحين الساعين الي اغتيال امنه واستقراره ومستقبله.