بقلم : د. السيد أمين شلبي ربما كانت المرة الاولي في تاريخ السياسة الخارجية الامريكية في ادارتها وتعاملها مع القضية الفلسطينية والصراع الفلسطيني الاسرائيلي التي تعلن فيها قيادات عسكرية امريكية ان عدم التوصل الي حل للقضية الفلسطينية انما يضر ويهدد المصالح الامنية الامريكية . جاء ذلك اولا علي لسان الجنرال بتريوس قائد القوات الامريكية في الشرق الاوسط ، ثم علي لسان روبرت جيتس وزير الدفاع الامريكي. وبداية لابد من ان نشير ان كلا من الرجلين لا يختلفان حول ما تكرره الولاياتالمتحدة والسياسة الامريكية في كل الادارات بما فيها ادارة اوباما ، من الالتزام المطلق بأمن اسرائيل ، غير انه من الواضح ايضا لأي سياسة امريكية تراعي المصالح العليا للولايات المتحدة، ان هذا الالتزام يجب ألا يتعارض مع ما تحدث به الجنرال بتريوس ووزير الدفاع روبرت جيتس عن المصالح الامنية الامريكية . فما هي هذه المصالح التي يمكن ان تكون في ذهن الرجلين ويهددها استمرار الصراع الفلسطيني الاسرائيلي بلا حل مرض؟ في تصورنا لما تواجهه الولاياتالمتحدة من ازمات تتصل بمصالحها الامنية، انه بالاضافة الي استقرار الاوضاع في العراق بشكل يمكن للإدارة الأمريكية تحقيق التزامها بالانسحاب الآمن المنظم في عام 2011 ? هناك في المواجهة مع ايران حول برنامجها النووي و المواجهة الامريكيةالغربية مع القاعدة وطالبان في افغانستان ، وامتداداتهما في باكستان وقوي التطرف الديني والمذهبي فيها والتي تجعل عددا من المراقبين باعتبار ما تملكه باكستان من قدرات نووية ، انها اخطر بقعة في العالم ، هذا فضلا عن مواجهات الولاياتالمتحدة مع قوي مثل حزب الله في لبنان وحماس في فلسطين ، وكل هذه القضايا تتصل بما بدأته ادارة بوش الابن وتواصله ادارة اوباما الحالية بصورة ما او بمحاربة الارهاب والتطرف . هذه هي القضايا والاهداف الامريكية التي كانت في تصور القيادات العسكرية الامريكية ممثلة في الجنرال بتريوس والوزير روبرت جيتس ، ولا شك ان ما خلصا اليه من ان استمرار الصراع الفلسطيني الاسرائيلي يهدد الاهداف الامريكية في هذه القضايا ، انما يستند الي حقيقة ان تحقيق هذه الاهداف لن يتأتي مع استمرار هذا الصراع باعتبار ما تقدمه القضية الفلسطينية من ذخيرة تمثل القضية الاولي في العالم العربي والاسلامي تستخدمها ايران في دعم مواقفها من برنامجها النووي، وتستخدمها قوي مثل طالبان والقاعدة في تجنيد عناصر جديدة والادعاء بان مقاومتهما للولايات المتحدة هو دفاع عن الاسلام وقضية الشعب الفلسطيني ، ولابد ايضا انه في تصور القادة العسكريين ان استمرار التعنت بل والتحدي الاسرائيلي لمتطلبات اي حل سياسي للقضية الفلسطينية فيه اضعاف لقوي الاعتدال والسلام والاستقرار في المنطقة ، واحراج لهذه القوي امام شعوبها وهذا ما ادركته هيلاري كلينتون وخاطبت به مؤتمر الايباك في واشنطن في 22 مارس 2010 بقولها " ان بقاء الوضع الراهن انما يدعم الرافضين الذين يدعون ان السلام غير ممكن ويضعف هؤلاء الذين يقبلون التعايش«. غير انه اذا كانت هذه القيادات العسكرية الامريكية المنخرطة علي الارض وفي الميدان قد خلصت الي هذا التقييم فان من المنطقي ان تتصرف الولاياتالمتحدة وادارتها ودبلوماسيتها علي هذا الاساس وان تواجه اسرائيل بحقيقة ان المصالح الحيوية والامنية الامريكية لا تتفق مع السلوك الاسرائيلي والمواقف الاسرائيلية المقوضة لفرص السلام والاستقرار ، واعتبار العقلية الايدلوجية الضيقة لبنيامين نتنياهو فان تفهم اسرائيل لهذه الحقيقة وتجاوبها معها لن يتحقق دون ان تستخدم الولاياتالمتحدة ما تملكه من ادوات ضغط حقيقية تقنع المجتمع الاسرائيلي بخطورة ما تقوده اليه سياسات نتنياهو وائتلافه في تاريخ اسرائيل . وليس غريبا ازاء هذا ان تنبه مجلة امريكية هي النيوزويك الي ما تمتلكه الولاياتالمتحدة من ادوات ضغط تجاه اسرائيل تجبرها علي الكف عن تقويض جهود ومستقبل السلام في المنطقة.