[email protected] حينما سئل امير الشعراء عن مسألة تطوير الشعر العربي قال: ان الاراقم لا يطاق لقاؤها.. وتنال من خلف باطراف اليد. والاراقم اعزكم الله هي الافاعي وهي شديدة العدوانية لا يقوي علي مواجهتها احد ورأي امير الشعراء في تطوير الشعر صالح لأن ينسحب علي جميع مناحي الحياة، فالتطور اساسه عقل الانسان، وعقل الانسان الفرد قد يتطور قفزا فينتقل من السكون إلي التطرف فجأة لكن عقل الجماعة الوطنية لا ينطبق عليه هذا الشرط وانما يأتي تطورها عبر التدرج في المفاهيم والسلوكيات والتراكم في الخبرات، وتلك بعض من اوجاع المجتمع المصري. من يستطيع ان يقاوم سحر شعار الرقابة الشعبية تلك الرقابة التي يجب ان تكون مطلبنا جميعا لانها الكفيلة بالدفاع عن مصالح الشعب والحفاظ علي قراراته، لكن تلك الرقابة لا يمكن ان تتحقق قفزا لانها ان فعلت سوف تقع في يد نهازي الفرص واصحاب الثراء المشبوه الذين يخطفون المراكز الشعبية بأموالها فيفسدون معني الرقابة الجماهيرية وتلك ظاهرة هي صلب ازمة المعاهد القومية التي كانت يوما تدار علي احدث الاساليب العلمية فكانت منارات تخرج منها بعض الملوك والحكام وبعض مشاهير القادة والرموز حول العالم، لكن انتقال هذه المدارس التي كانت يوما تدار بصرامة الخبراء إلي حيز الرقابة الشعبية جعلها تقع تحت ادارة مجالس منتخبة من قبل اولياء الامور بالتربيط مع المدرسين وتشكيل مجلس ادارة المعاهد من رؤساء مجالس ادارة المدارس »يعني خصم وحكم«. وآفة الانتخابات في مصر »حفظكم الله« انها لا تدار وفقا لبرامج تعكس رؤية المرشح ولكنها تدار طبقا للعلاقات الشعبية والوزن المالي للمرشح وحينما تصبح هذه هي معايير اختيار مجالس تربوية تشرف علي عملية تعليمية فان الفساد هو الحصيلة المتوقعة لان عضو مجلس الادارة المنتخب سوف يسعي لارضاء الناخبين علي حساب انضباط العملية التعليمية ولأن سلطة مجالس الادارة تمتد إلي حدود تصل إلي تعيين مدراء تلك المدارس ومدرسيها فان حصيلة كل ذلك هو الاطاحة بالكفاءات وزرع اصحاب الوساطات بما يستتبع ذلك من العبث في تطبيق المناهج والعبث في شفافية عدالة النتائج ذلك الفساد ليس في مسألة خدمية ولكن فساد في مسألة تعليمية اي انه سوف يبيض ويفرخ اجيالا تحمل قيما تستهتر بالمعاني وتعبث بالمناهج! ولكن هي المعركة التي يديرها الدكتور احمد زكي بدر وزير التربية والتعليم وحيدا فهو في الظاهر كما يقول خصومه يعادي الرقابة الشعبية ويرفض منهج الانتخابات بينما في واقع الامر انه يريد ان يعيد العملية التعليمية في المدارس القومية إلي صوابها فيضعها تحت اشراف الخبراء لتعود منارات تعليمية كما كانت.. وابقي علي اسماء المدارس والمناهج وحقوق العاملين دون تغيير أو نقصان إلا أن الاشاعات اكدت انه سيلغي حمام السباحة من احدي المدارس وتلك الطامة الكبري!! وعندما كنت رئيسا لتحرير مجلة اخر ساعة اشرفت علي حملة صحفية قام بها الزميل صلاح دندش ونشرنا فساد هذه المعاهد بالمستندات في كل مجالات العمل الاداري والتعليمي طوال عشرة اسابيع عام 7002 واسفرت الحملة عن حل اكثر من 21 مجلس ادارة مدرسة وحل مجلس ادارة المعاهد القومية وتغيير العديد من مديري المدارس.. رفعت علينا عشرات الدعاوي القضائية وحفظت جميعها وحصلت علي البراءة..وتلقيت العديد من التهديدات ولم اعبأ بها واستمر الفساد! والمشكلة ليست حديثة لكنها ترجع لاكثرمن 51 عاما فكل وزير يكتشف الفساد في هذه المؤسسات ويحدده ويضع الحل، لكنه يعجز عن تطبيقه.. حدث هذا مع الوزراء، د.حسين كامل بهاء الدين ود.احمد جمال الدين ود.يسري الجمل لكنهم لم يفعلوا شيئا.. وعندما استفحل الفساد ووصل إلي الرقبة بعد ان تخطي الركب.. لم يستطع الوزير ان ينتظر اكثر من ذلك وقرر مواجهة الفساد. ورغم سلامة وصحة رؤية الوزير إلا انه لم يستطع توصيل هذه المعاني وذلك بسبب شراسة الاراقم »الافاعي« الذين لا يطاق لقاؤهم من خصومة الحائزين لوسائل وعلاقات اقوي تأثيرا في الرأي العام من وسائل الوزير ولأن الوزير لم يجنح إلي المناورات الدبلوماسية والسياسية المرنة حينما يصارع تلك الاراقم فهو صارم الوجه وواضح اللغة بعد ان استنفد كل الطرق القانونية مع جماعات المصالح، والمنتفعين من استمرار هذه الاوضاع الفاسدة. وحتي لايتهمنا احد بأننا ضد الديمقراطية والرقابة الشعبية فاننا نؤكد ان الرقابة الشعبية ليست قضية مؤجلة ولكنها مسألة عاجلة أود ان اوضح انها لا تأتي قفزا ولكنها لا تصح ولن تصح إلا بوجود وعي مجتمعي يضع المصالح القومية فوق المصالح الخاصة والشخصية ويضع الجودة والإتقان فوق سطوة اصحاب الثروات والنفوذ الذين يعبثون باصابعهم في كل شيء حتي مستقبلنا التعليمي، فالمسألة التعليمية ليست قضية وزير التربية والتعليم وحده وانما هي ثرواتنا الحقيقية بل هي ام معاركنا التي لا يجوز ان نترك وزير التربية والتعليم يحاربها وحده وإلا فإن الرجل سوف تلدغه الاراقم التي حذرنا منها امير الشعراء رحمه الله.