إحدى العراقيات الفارات من مذابح داعش تدور معارك ضارية في مدينة عين العرب (كوباني بالكردية) شمال سورية منذ عدة أسابيع حيث يحاول المقاتلون التابعون لتنظيم «داعش» السيطرة علي المدينة الواقعة علي الحدود مع تركيا، إلا أن المقاتلين الأكراد يقاتلون بشراسة من أجل الدفاع عن المدينة، في الوقت الذي تقصف فيه قوات التحالف الدولي مواقع تابعة للتنظيم في محاولة لوقف الزحف الدعشي. وشهدت كوباني مجزرة بشعة بعد اجتياح داعش لمقر دفاع الميليشيات الكردية وسيطرتها علي المربع الامني الواقع في شمال المدينة وعلي نحو 40% منها. وذكرت صحيفة الجارديان البريطانية إن مدينة عين العرب السورية قد تمثل مذبحة سربرنيتشا جديدة مثل تلك التي وقعت في البوسنة عام 1995 وذبح خلالها 8 آلاف علي يد القوات الصربية. وكشف الناجون من مذابح المدينة، العديد من الفظائع التي ارتكبها مقاتلو تنظيم «داعش»، ومن بينها عمليات قطع رؤوس والاستعراض بتلك الرؤوس أمام النساء والأطفال، ما أدي الي نشر حالة غير مسبوقة من الرعب والخوف بين السكان. ونقلت جريدة «ديلي ميل» البريطانية عن الناجين ايضا العديد من الروايات المرعبة، أحدها لطفل يدعي ديليار ويبلغ من العمر 13 عاماً هرب مع ابن عمه الذي سرعان ما سقط في أيدي مقاتلي «داعش» وقطعوا رأسه. مشهد لا ينسي ويقول الطفل ديليار، الذي تمكن من الافلات من «داعش»، إنه كان يركض في الشارع مع ابن عمه عندما حاصرهم مقاتلو «داعش» وأغلقوا المنافذ في وجههم، إلا أن ديليار تمكن من الهرب بينما تم قطع رأس ابن عمه محمد البالغ من العمر 20 عاماً بالسكين، مؤكداً أن مشهد ذبحه أمام عينيه لن ينساه طوال حياته. ويتابع ديليار: «ألقوا به الي الأرض، ثم فصلوا رأسه عن جسده»، وتابع: «أراه في أحلامي كل يوم، وأستيقظ فأتذكر كل شيء كل صباح».» ونقلت «ديلي ميل» عن الناجين ايضا قولهم إن مقاتلي «داعش» الذين داهموا المدينة «أكثر وحشية من غيرهم، وأكثر وحشية عما كان يقال عنهم من قبل». ويضيفون إن العديد من شوارع كوباني تعج بالجثث مقطوعة الرأس، فضلاً عن أن الكثير من الأكراد تم اقتلاع عيونهم قبل قطع رؤوسهم. ويقوم مقاتلون من «داعش» بعرض الرؤوس المقطوعة علي السكان لبث الرعب والخوف ودفعهم الي الاستسلام وإلقاء السلاح والتراجع عن أية مقاومة. فظائع مروعة ويقول لاجئون تمكنوا من عبور الحدود الي الجانب التركي إنهم شاهدوا فظائع مروعة تتم بصمت في كوباني، حيث قال أمين فراج، وهو أب لأربع أطفال ( 38 عاماً) إنه رأي «العشرات وربما المئات من الجثث ذات الرؤوس المقطوعة في شوارع كوباني، فيما رأي جثثاً أخري مقطعة الأيدي والرجل بينما ظلت الرؤوس علي حالها». ويضيف فراج: « كما رأيت العديد من الرؤوس وقد اقتلعت منها العيون، بينما كانت رؤوس أخري وفيها عيون.. لا يمكن أن أنسي هذه المشاهد طوال حياتي.. كانوا يعرضون الرؤوس علينا لإخافتنا». وتمكن فراج من الفرار من كوباني، ومعه زوجته وأطفاله الذين تتراوح أعمارهم بين ثلاث سنوات و12 عاماً. أما أحمد باكي، الذي فر من إحدي القري المجاورة لكوباني، فيقول إن ابن عمه البالغ من العمر 48 عاماً أصر علي البقاء في البلدة الكردية، بينما فرت عائلته بالكامل بمن في ذلك أبناؤه السبعة، ويتابع: «اتصلنا به لاحقاً لكن أحد مقاتلي داعش رد علي الهاتف وقال لنا: لقد اقتلعنا رأسه». ويضيف باكي: «ان معلم لغة انجليزية في البلدة حاول التحدث الي المقاتلين، لكنهم حكموا عليه بأنه كافر، ثم ربطوه بسيارتهم وطافوا به البلدة قبل أن يقطعوا رأسه. وفيما حذرت الأممالمتحدة من وقوع «مجزرة» إذا سقطت المدينة نهائيا في أيدي المتطرفين، أعلنت الولاياتالمتحدة إحراز «تقدم» مع تركيا لمشاركتها في الحرب علي التنظيم الجهادي المتطرف. وقد شن مسلحو داعش هجوما واسعا من جهة الجنوب في محاولة لبلوغ وسط المدينة، إلا أن المقاتلين الأكراد نجحوا في صدهم. الهجوم تخللته اشتباكات عنيفة بين المسلحين المتطرفين ومقاتلي «وحدات حماية الشعب» الكردية الذين يستميتون منذ أكثر من ثلاثة أسابيع في الدفاع عن مدينتهم الواقعة في محافظة حلب. وتشن في مقابل ذلك مجموعات من «وحدات حماية الشعب» الكردية التي تقاتل للدفاع عن المدينة «عمليات نوعية تشمل عمليات تسلل في شرق عين العرب لقتل عناصر من تنظيم «الدولة الإسلامية» والعودة إلي مواقعها.
40% في يد داعش ووقع الهجوم في جنوبالمدينة بعد سيطرة تنظيم «الدولة الإسلامية» علي «المربع الأمني» للمقاتلين الأكراد في شمال عين العرب والذي يضم مباني ومراكز تابعة للإدارة الذاتية الكردية. وبات مقاتلو داعش يسيطرون علي نحو 40% من المدينة التي تبلغ مساحتها ستة إلي سبعة كيلومترات مربعة وتحيط بها 356 قرية، وذلك بعد استحواذهم علي شرقها وتقدمهم من جهتي الجنوب والغرب نحو الوسط. السيطرة علي «المربع الأمني» تتيح لعناصر تنظيم «الدولة الإسلامية» التقدم نحو المعبر الحدودي مع تركيا إلي الشمال من المدينة، والسيطرة علي المعبر تعني محاصرة المقاتلين الأكراد في عين العرب من الجهات الأربع.ومنذ بدء الهجوم علي عين العرب في 16 سبتمبر الماضي، قتل أكثر من 600 مقاتل في اشتباكات المدينة التي أصبحت رمزا لمحاربة تنظيم «الدولة الإسلامية» الذي يسيطر علي مناطق واسعة من سوريا والعراق المجاور. ويشعر المدافعون الأكراد عن المدينة بالإحباط في ظل تناقص ذخيرتهم، مطالبين بتكثيف الغارات التي تنفذها قوات التحاف الدولي والعربي علي مواقع التنظيم المتطرف والتي لم تفلح في وقف تقدم الجهاديين. وحض زعيم اكبر حزب كردي في سوريا، تركيا علي السماح بمرور اسلحة الي كوباني، مؤكداً انها لا تشكل «تهديداً لها». لكنه رفض قطعاً في مقابلة مع قناة «الميادين» دخول الجيش التركي الي عين العرب معتبراً ذلك احتلالا. وقال الناشط مصطفي عبدي إن «داعش» تسيطر بالفعل علي أكثر من نصف البلدة الحدودية وليس لدي أهل البلدة ذخيرة ولا مواد غذائية». وأوضح عبدي أن الحكومة التركية لا تسمح عبر الحدود بمرور الإمدادات ونفد كل شيء ما سمح لداعش بالاستيلاء علي المزيد من الأراضي.واضاف أن ما بين 500 – 700 من المدنيين مازلوا محاصرين في المدينة في حين أن هناك عالقين ما بين 10 آلاف إلي 13 ألف بالقرب من الحدود. أهمية عين العرب وترجع ألاهمية الاستراتيجية ل»عين العرب» الي انها ستصبح المدينة الكردية الثالثة في سوريا التي تسقط بعد القامشلي وعفرين، وسقوطها في أيدي مسلحي داعش تعني سيطرته علي مساحة كبيرة من الشريط الحدودي بين سورياوتركيا، وربط المناطق الخاضعة لسيطرته علي الحدود بداية من عين العرب حتي أعزاز مروراً بالراعي، وبالتالي يعني تأمين شريط جغرافي حدودي مع تركيا. لكن هذه الأهمية الاستراتيجية قد لا تضاهي الأهمية المعنوية لهذه المنطقة بالنسبة للاكراد، فكوباني بتسميتها الكردية في صلب الوجدان القومي الكردي، وتعود هذه التسمية إلي «كوم بانيا» أو «الإجماع» باللغة العربية، وينسب البعض هذه التسمية إلي توحد عشيرتين كرديتين بين الحسكة وعين العرب. كما أنها كانت في أواسط القرن الماضي في صلب الصراع ما بين تركيا والكرد، حيث ينحدر عدد من كوادر حزب العمال الكردستاني من المدينة، ما يجعل سقوط كوباني ضربة قاسية للحلم الكردي التاريخي بالاستقلال.