بين ليلة وضحاها استيقظ العالم العربي علي فاجعة جديدة لخصتها الأخبار في كلمتين « سقوط صنعاء» والتي أعادت إلي الأذهان مأساة سقوط بغداد قبل 11 عاما . وأمام هذه الكلمات الصادمة اكتشفنا أن اليمن دخلت مرحلة جديدة جعلتها تقف في انتظار دورها من التقسيم والفوضي كما يحدث الآن في العراق وسوريا وليبيا حيث تتشابه بذور الفتنة والتقسيم من حرب طائفية بين سنة وشيعة وحركات ارهابية صناعة امريكية مثل القاعدة وداعش وميليشيات مسلحة تفرض ما تريده بقوة السلاح. ووسط كل هذا شعوب تعيش أزمات متتالية وتعاني من التشرد والقتل وإنعدام الأمن والاستقرار. جماعة شيعية الحوثيون في اليمن جماعة شيعية تخوض حربا منذ قرابة النصف قرن كي تعيد سلطانها من جديد بعد ان حكمت اليمن ألف عام، تمكنت منذ ايام من الاستيلاء علي العاصمة صنعاء وما بها من مناطق حيوية في ساعات قليلة أسفرت عن استقالة رئيس الحكومة محمد سالم باسندوة وهروب اللواء عبد الله الأحمر خارج البلاد.ثم وقّعت الرئاسة اليمنية والحوثيون وجناح من الحراك الجنوبي الانفصالي وحزب الإصلاح الإسلامي اتفاقا لإنهاء الأزمة السياسية سمي باتفاق «السلم والشراكة الوطنية» واشتمل علي عدة بنود من بينها: تشكيل حكومة كفاءات في مدة أقصاها شهر علي أن يتم تعيين رئيس وزراء خلال ثلاثة أيام ويكون شخصية محايدة غير حزبية، وقيام محمد سالم باسندوه رئيس الحكومة المستقيل بتسيير الأعمال. ورفض الحوثيون التوقيع علي الملحق الأمني والذي يتضمن 17 بندا ينص أهمها علي الوقف الفوري لإطلاق النار ونزع السلاح من جميع الأطراف. حلم الاستيلاء ورغم الترحيب العربي والخليجي بهذا الإتفاق الذي يظهر وكأنه حل للأزمة اليمنية، الا انه لا توجد أية بوادر للتفاؤل بشأن الوضع القائم الآن فلماذا سيتخلي الحوثيون عن حلم الاستيلاء علي السلطة إذا كانت الظروف مهيأة لذلك بعد ان أثبتوا تفوقهم العسكري علي أجهزة الدولة؟ وكيف ستتوقف المواجهات مع تنظيم القاعدة ؟ ومتي ستتفق الأحزاب السياسية علي المضي قدما والخروج من دائرة التصارع المستمرة منذ رحيل الرئيس علي عبد الله صالح الذي اعتبر نجاحا لثورة 2011 ؟ واقع آخر تحدث عنه رئيس الوزراء في خطاب استقالته قائلا إن الرئيس اليمني تفرد بالسلطة وكان يعمل وفق أجندته الخاصة طوال الفترة الماضية دون ان يكون هناك تشاور وتقاسم للسلطة كما نص الاتفاق الخليجي. ورغم الدعم الدولي والعربي الذي يحظي به الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي إلا انه لا يملك نفوذا ولا قوة علي الأرض ما يعني أن دوره يقتصر علي توزيع الكعكة علي الجماعات المسيطرة علي المشهد أكثر من كونه يدير حوارا وطنيا ليخرج بتوافق سياسي بين جميع الأحزاب والقوي عائلة الأحمر وهناك خمس قوي رئيسية تسيطر علي الساحة السياسية في اليمن الآن : أولها حزب المؤتمر الشعبي العام برمزه علي عبد الله صالح الذي كان يجيد اللعب مع كل الأطراف المتنازعة، ويشارك الحوثيين انتماءهم القبلي، لكنه كان متحالفا مع خصومهم (حزب الإصلاح والسلفيين) ويسعي حزب المؤتمر للعودة مجددا علي رأس السلطة اما القوة الثانية فهي القبائل وعلي رأسها حاشد اوقبيلة الرؤساء كما يطلقون عليها والتي تتزعمها عائلة الأحمر ثم حزب الإصلاح المحسوب علي جماعة الإخوان المسلمين ثم الحوثيين أو»انصار الله». ثم تنظيم القاعدة . وتؤكد الشواهد أن الحوثيين المدعومين من إيران هم القوة المسيطرة الآن.ويقاتل تنظيم أنصار الشريعة التابع لتنظيم القاعدة الحوثيين حتي في مناطق نفوذهم وتتصاعد المواجهات بين الطرفين معززة بذلك الصراع الطائفي الذي قد يحقق في النهاية التقسيم المقترح لليمن والذي سينال حتما من أمن واستقرار السعودية ودول الخليج .