أصاب بالكأبة كلما قادتني الظروف للسفر بالطريق الزراعي إلي بلدتي خربتا مركز كوم حمادة البحيرة فما أراه علي الطريق او داخل القرية التي كانت في الزمان البعيد نموذجا لقرية ريفية عريقة شيئا لا يحتمل وصورة غير حضارية. الطريق الزراعي لم يعد اسما علي مسمي اختفت علي مرمي النظر اراضي الخير وحلت محلها كتل الاسمنت العالية بلا شكل ولا لون، عشوائيات في الاعم الاغلب وللاسف يزداد حجمها يوما بعد يوم رغم كل المحاذير والقوانين التي تحظر علي الكل صاحب السلطان أو الضعيف ذي السلطة او المواطن العادي من الاعتداء علي الرقعة الزراعية ولكن يبدو اننا نتكلم كثيرا ولا نفعل شيئا مطلقا فالتصالحات ومواسم الانتخابات يمكنها ان تخرج لسانها لاي قانون يحمي ارضنا من الاعتداء. الأمر خطير ومساحة الارض تتناقص يوما بعد يوم في الوقت الذي يزداد فيه حجم السكان بصورة تهدد كيان المجتمع كله واصبحنا نري النقص في كل شيء حتي ما يكفي الطعام الرئيسي. نعتدي علي الأرض الزراعية السمراء ونجري نبحث عن استصلاح اخري تكلفنا فوق الطاقة وتؤكد الدراسات انها مهما كانت انتاجيتها فلن تصل الي نصف ما تنتجه الارض السمراء. وبرغم فرحي »بوصلة« الطريق الحر الجديد علي الزراعي في المنطقة من قويسنا الا انني حزنت انها جاءت علي حساب جزء غير قليل من الارض السمراء فكيف يمكننا ان نعوض ما تم اقتطاعه لانشاء الطريق. كان بإمكاننا ان نطور الطريق الزراعي وهو في اشد الحاجة إلي هذا التطوير بعد ان ساءت حالته وان نبحث عن الحلول التي تجعله طريقا أمنا ومريحا دون أن نسرق الأرض الزراعية وندمرها. انني اطالب بحملة قومية للحفاظ علي الارض الزراعية فنحن نسمع عن قرارات وازالات لاعتداءات علي الاراضي ولكننا في الواقع نري عكس ما نسمع تماما فأين الخلل، علينا ان نكون جادين في المواجهة وألا نكون كالنعام الذي يدفن رأسه في التراب ليبعد نفسه عن المشاكل وكما يقول اجدادنا في امثالهم التي ورثناها تماما كما ورثنا الارض الطيبة الأرض عرض فكيف لنا ان نفرط في اعراضنا؟ اما قريتي خربتا فقد وجدتها مع الاسف اسما علي مسمي مع كل تصريحات المسئولين عنها سواء علي مستوي كوم حمادة المركز الذي تتبعه القرية أو مستوي المحافظة فرغم ان مشروع الصرف الصحي قارب علي الانتهاء إلا أن حال القرية لا يسر عدوا ولا حبيبا، القرية التي كنا نفتخر انها لا يسكن تحت سمائها امي أو امية واحدة والتي اخرجت نوابغ من اعرق العائلات اصبحت اشبه بالمدن العشوائية قليل من الامطار يربك حركتها ويهدد سكانها من الغلابة، عشوائيات بناء طرق بالية وبرك مياه وطفح في كل مكان اما النظافة فحدث عنها ولا حرج ومداخل ومخارج بلا هوية. لا ادري هل مر رئيس المدينة علي القرية التي تتبعه وحدد احتياجاتها لا اعتقد؟ هل استمع الي شكاوي اهلها؟ هل حل مشاكلها؟ هل هي علي اجندته اصلا؟ الحقيقة ان ما شاهدته داخل القرية التي ذهبت إليها في واجب عزاء احزنني جدا فالذكريات التي ارتبطت في اذهاننا عندما كنا نرتاد القرية في الزمان البعيد كانت جميلة فمازلت اذكر شكل الارض الجميلة والترعة النظيفة ورائحة الريف الجميل الذي ذهب إلي غير رجعة بسبب الاهمال.