طوال ديسمبر من كل عام، تطالعنا في كل مكان شجرة "الكريسماس" المرتبطة شعبيا في الغرب والشرق بعيد الميلاد الذي يحتفل به في الغرب في الخامس والعشرين من ديسمبر بينما يحتفل به في الشرق في السابع من يناير وقد تحول في مصر إلي اجازة رسمية في الدولة بقرار حكيم من الرئيس مبارك. تطالعنا شجرة "الكريسماس" بزينتها المبهرة في الفنادق والمطاعم والمقاهي والكافيتريات والمولات الكبري، وتتسابق الدول في العالم لكي تكون متميزة عن غيرها في حجم شجرة الكريسمس وطرق تزيينها عندما تتصدر الميادين الهامة في عواصمها ليلة رأس السنة، فها هي تايوان تفوز بجائزة افضل تصميم لشجرة كريسماس صديقة للبيئة لانها مصنوعة من مواد اعيد تدويرها، وها هي ابو ظبي بدولة الامارات العربية المتحدة تدخل موسوعة جينس بأغلي شجرة "كريسماس" مرصعة بالمجوهرات الثمينة والأحجار الكريمة، وتقدر قيمتها بأكثر من 11 مليون دولار، الشجرة بارتفاع 18 مترا، صنعها فندق "قصر الإمارات" لمرور خمسة أعوام علي افتتاحه وبلغ عدد المجوهرات التي استخدمت في تزيين الشجرة 181 قطعة. لشجرة "الكرسماس" اكثر من حكاية تاريخية ، اذ يعود استخدامها في بعض المراجع إلي القرن العاشر بانجلترا، بينما تشير إحدي الموسوعات العلمية، إلي أن الفكرة ربما قد بدأت في القرون الوسطي بألمانيا، الغنية بالغابات الصنوبرية الدائمة الخضرة، حيث كانت العادة لدي بعض القبائل الوثنية التي تعبد الإله (ثور)، إله الغابات والرعد، أن تزين الأشجار، ثم تقوم إحدي القبائل المشاركة بالاحتفال بتقديم ضحية بشرية من أبنائها، وفي عام 727 ميلادية أوفد إليهم البابا "بونيفاسيوس" احد الرهبان فشاهدهم وهم يقيمون احتفالهم تحت إحدي الأشجار، وقد ربطوا ابن أحد الأمراء وهموا بذبحه كضحية لإلههم (ثور) فهاجمهم وأنقذ ابن الأمير من أيديهم، ثم قام بقطع تلك الشجرة و نقلها إلي أحد المنازل ومن ثم قام بتزيينها، لتصبح فيما بعد عادة ورمزاً للاحتفال بعودة الحياة للضحية البشرية التي كانت تقدم كذبيحة، والتي ارتبطت في المعني المسيحي بعيد الميلاد، وانتقلت هذه العادة بعد ذلك من ألمانيا إلي فرنسا وإنجلترا ثم أمريكا، ثم أخيرا إلي بقية مناطق العالم الفسيح دون ان تكون لها دلالة دينية معينة انما اختار الناس من كافة الديانات السماوية وغير السماوية ان تكون شجرة الميلاد المزينة والمبهرة رمزا للاحتفال بعام مضي وآخر يستقبلونه بتلك الشجرة التي تحمل الاماني الطيبة والامنيات النبيلة ، ومع الوقت تفنن الناس في استخدام الزينة لهذه الشجرة، وقد تمّ تزيين أول الأشجار بالتفاح الأحمر والورود وأشرطة من القماش، لكن أول شجرة كريسماس ضخمة أقيمت في القصر الملكي بإنجلترا سنة 1840 في عهد الملكة فيكتوريا، وكالعادة استغلت الصين ذكاءها التجاري في تصنيع شجرة الكرسماس الاصطناعية بكافة الاحجام، وما يصاحبها من قطع الزينة بأسعار مقبولة، لتقضي بذلك علي شجرة الكريسماس الطبيعية التي كانت تقطع من الغابات وتصدر لجميع انحاء العالم وتباع بأثمان مرتفعة ، الصين تستغل ذكاءها التجاري في شجرة الكريسماس وفانوس رمضان وهي تحتفل بحصد اموال الجميع ، وكل عام وانتم بخير.