مصر لم تبتدع ظاهرة تحوّل بعض »نجوم« كرة القدم بعد اعتزالهم إلي »أشباه نجوم« في مجالات أخري تختلف بالطبع عن »الكر والفر« في طول الملاعب وعرضها! تبين أن الأمر مع هؤلاء لا يختلف كثيراً عن الأمر مع أقرانهم في الدول الأخري القريبة منّا، والبعيدة عنّا الذين مارسوا، بدورهم، عمليات تغيير المسار، وتقمص مهن أخري، نجح البعض في احترافها، وكان الفشل المصحوب بالسخرية في انتظار البعض الآخر. كباتن ونجوم الكرة وباقي الألعاب الأخري يحالون إلي التقاعد في بدايات أو نهائيات الثلاثينيات علي الأكثر. ومن الطبيعي ألاّ ننتظر من هؤلاء الشباب أن يتوقفوا عن العمل اكتفاء بسنوات طالت أو قصرت صالوا وجالوا، خلالها، في الملاعب وحقق العديد منهم انتصارات أدخلتهم قلوب جماهير الكرة من أوسع أبوابها. جرت العادة عندما يحال »النجم« إلي التقاعد لتقدم السن، أو افتقاد اللياقة أو اعتزال الجري في الملاعب فإنه يسعي إلي فرصة تتيح له البقاء مع الكرة وإن لم يركلها. كأن يتولي العمل كمدرب للناشئين وصولاً لتدريب المحترفين. وأبرز مثال علي ذلك الكابتن الكبير»حسن شحاتة« الذي ودع الملاعب كلاعب وهو ينعم بنجوميته، لكن لمعانه وبريق انتشاره ازدادا توهجاً بعد أن نجح في تدريب وإدارة فريقنا القومي وأوصله إلي الفوز ببطولات دولية. كثيرون من »الكباتن« ساروا علي درب »حسن شحاتة«، وحققوا بدورهم نجاحات لهذا النادي أو ذلك. أيضاً.. هناك »كباتن« تركوا الملاعب لكنهم تفرغوا للتعليق الإذاعي، والتليفزيوني علي المباريات، أملاً في استمرار نجوميتهم وشعبيتهم بعد ابتعادهم عن تسديد الركلات وإحراز الأهداف. وهناك من اكتشف فجأة أن في استطاعته تحقيق ما هو أفضل من التفرغ لتدريب الناشئين والمحترفين، وأكثر جدوي من احتراف التعليق علي المباريات ليُسمعوا المشاهدين في بيوتهم ما تراه عيونهم علي شاشة التليفزيون! واختار هؤلاء أن يتحوّلوا إلي صحفيين يكتبون المقالات في الصفحات الرياضية، وإعلاميين يقدمون البرامج علي القنوات التليفزيونية الأرضية والفضائية. يستضيفون الخبراء للحديث عن المباريات المصرية والعربية والعالمية، وأطلقوا العنان لربط أي شيء بكل شيء: تهليلاً، أو توبيخاً. تأييداً أو تجريحاً. ولأن المواهب الدفينة في باطن البعض، فقد حان للكشف عنها تباعاً. حقيقة أن بعض هذه المواهب والقدرات لا علاقة لها بالكرة من قريب أو بعيد لكن حقيقة أيضاً أن المهم ما تسفر عنه الممارسة من إبداعات وانتصارات وإنجازات! حفنة من »الكباتن« المتقاعدين اختاروا مجالاً جديداً لتكوين أنفسهم، وضمان مستقبلهم بعد اعتزال ركل الكرة، أو احتضانها من خلال احترافهم العمل السياسي:بدءاً بخوض انتخابات مجلس الشعب، وصولاً إلي المقعد الوثير تحت القبة البرلمانية. وما أسهل تحقيق ذلك. فالسياسة من وجهة نظرتهم ليست في حاجة إلي مؤهلات، أو خبرات، سابقة. يكفيهم أنهم يخوضون معاركها باعتبارهم أبرز نجوم الحزبين الحقيقيين والأكثر شعبية في مصر: »حزب الأهلي«، و »حزب الزمالك«، بكل مايمثلانه من أغلبية ساحقة ماحقة تحسب بعشرات الملايين من أصوات الناخبين، وتضمن اكتساح أبرز مرشحيها من الكباتن الملتزمين بإعلاء صوتها وإخماد أصوات المنافسين من الأحزاب الورقية الأخري! وبالفعل.. لمع »كباتن« في السياسة كما سبق أن توهجوا في الملاعب. وأصبحوا »ملء السمع والبصر«. لا تخلو صحيفة من تصريحاتهم، ولا تقصر قناة تليفزيونية في واجب استضافتهم علي شاشتها في برامج الحوارات يحددون سلبياتنا، ويطرحون مواجهتها، ويقترحون قلبها إلي إيجابيات. المهم.. إذا كان بعض »كباتننا« وجدوا بغيتهم بعد التقاعد المبكر في ممارسة النقد الرياضي واقتحام الساحة السياسية معاً.. باعتبارهما مجرد: »كلام * كلام«، ولغو: »لا يودي ولا يجيب«، فإن أقرانهم في بلاد »الفرنجة« كانوا أكثر ابتكارا،ً وأكثر إثارة، في خياراتهم لسنوات ما بعد اعتزالهم الجري وراء الكرة لتسديدها، أو التصدي لها والإمساك بها قبل اختراقها »الثلاث خشبات«! .. البقية غداً. إبراهيم سعده [email protected]