هذه هي الأيام التي نحتفل فيها بمعجزة الله في خلقه، عيسي بن مريم، الذي قال عنه خالقه أنه روحٌ منه وكلمته ألقاها الي مريم، نحتفل بمولد المسيح، الذي كلم الناس في المهد، لينجي السيدة مريم العذراء من سفالة اليهود، وافترائهم عليها بالباطل والأكاذيب. علمه ربه الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل، وأرسله الي بني إسرائيل بمعجزات وآيات "أني أخلق لكم من الطين كهيئة الطير فأنفخ فيه فيكون طيراً بإذن الله وأبرئ الأكمه والأبرص وأحيي الموتي بإذن الله وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم إن في ذلك لآية لكم إن كنتم مؤمنين*ومصدقاً لما بين يدي من التوراة والإنجيل ولأحل لكم بعض الذي حرم عليكم وجئتكم بآية من ربكم فاتقوا الله وأطيعون"آل عمران. وبدلا من أن يفرح اليهود بمجئ المسيح، واجهوه بمكر سيئ، وعاندوه ودبروا له المكائد، وافتروا عليه وأمه الطاهرة بالأكاذيب، إنهم قوم بهت، وقد أحس سيدنا عيسي منهم الكفر، "فلما أحس عيسي منهم الكفر قال من أنصاري الي الله قال الحواريون نحن أنصار الله آمنا به وأشهد بأننا مسلمون"آل عمران. ويستغرب لفيف غير قليل وصف الحواريين أنفسهم بأنهم مسلمون؟! وأقول أن التسليم لله سبحانه وتعالي دعوة جميع الرسل، فحقيقة الأمر أننا مطالبون جميعاً نحن المؤمنين بالتسليم الكامل لله، نؤمن به وحده، ونطيع تعاليمه، ونمتنع عن نواهيه، نرضي بقضائه، ونحمد له عطاءَه. ببساطة هذه هي تعاليم السماء، ولا يختلف عليها أحد، ومن ثم فإن كلمة مسلم يمكن أن يتصف بها كل مؤمن، ولا ضير إن كان مؤمنا يتبع "شريعة" أسيادنا موسي أو عيسي أو محمد، "إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصاري والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحاً فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون"البقرة. "ولكل جعلنا منكم شِرعةً ومنهاجاً"المائدة، أي أن الله سبحانه وتعالي جعل لأتباع كل رسالة أسلوباً ومنهجاً لعبادته، قد يختلفان باختلاف الزمان أو المكان، لكن الهدف واحد، هو إرضاء الله سبحانه وتعالي. لذلك فإنه يجب علينا جميعاً عباد الله المؤمنين به إلهً واحدً أحدا ألا نفترق، ألا نتبع التحيز الأعمي، ألا نتصارع من أجل أغراض لم يطلبها الإله الذي خلقنا. كل عام في ذكري مولد سيدنا المسيح ونحن جميعاً بخير.