شئ يحزن أن تري الفنادق التي كانت عامرة بالسياح من كل الدنيا وهي مهجورة، ساكنة، لا حياة فيها ولا روح ! تصادف أن أتردد علي أكثر من فندق من فنادقنا الفاخرة، الرائعة الإسبوع الماضي .ويا ليتني ما فعلت! فنادق مرتبطة في ذاكرتي بصور البشر من كل الجنسيات، زحام جميل في الأروقة والمطاعم والكافيهات، الأتوبيسات السياحية العملاقة تقف أمام الفندق لتقل أفواج السائحين لزيارة معالم القاهرة السياحية: المتحف المصري، اهرامات الجيزة وأبوالهول، خان الخليلي وحي الحسين والقاهرة القديمة، شارع المعز الذي يأخذ القلب والعين ويشرح النفس . تلك الفنادق يا سادة أصبحت أطلالا ! مبان رائعة ومواقع خلابة وبشر علي أعلي مستوي في مهنتهم صامدون لا يزالون انتظارا للفرج .تلك الفنادق خاوية أوشبه خاوية وهذا - فعلا - منظر يكسر القلب ويدمع العين . لكني سمعت قبل عدة أيام وزير السياحة هشام زعزوع مع خيري رمضان في برنامج "ممكن" وقال كلاما يبعث الأمل، ويبشر بالخير .قال أن دولا كثيرة رفعت حظر السفر إلي مصر عن مواطنيها ومنها روسيا وإيطاليا وفرنسا .وشرح خطة الوزارة وسعيها الدؤوب في المكاتب الخارجية من أجل استعادة السائحين الذين فقدناهم منذ قيام الثورة واشتعال الأحداث. السياحة يا ناس ! أحد أهم مصادر الدخل القومي في مصر، خسائرها تجاوزت 60 مليار جنيه خلال السنوات الثلاث الماضية .العاملون في قطاع السياحة وعددهم أكثر من 4.5 مليون مواطن مصري يصرخون من توقف عملهم أوتخفيضه إلي أدني حد . الفنادق العائمة في الأقصر وأسوان وصلت نسبة الإشغال بها إلي 5 ٪ فقط .تلك الفنادق التي كان الحجز فيها صعبًا نظرًا لزيادة الإقبال الشديد عليها. حاجة تحزن بجد!. السياحة الآن تواجه أكبر أزمة في تاريخها فهناك أربعة آلاف مرشد سياحي من بين 17 ألفا هم كل المرشدين السياحيين هاجروا من مصر بعد انهيار صناعة السياحة، وهو أمر ليس سهلاً بل المشكلة كبيرة لأن العمالة المدربة في هذا المجال بالذات ليس من السهل تعويضهم علي الأقل في زمن قصير، كذلك هناك مشكلة انخفاض الانفاق الذي وصل إلي 16 دولاراً للسائح في اليوم وهذا يعد أقل نسبة انفاق علي المستوي العالمي، ويهدد بانهيار صناعة السياحة في مصر. كلام الوزير زعزوع كما ذكرت يدعو إلي التفاؤل لكن الأرقام والحقائق وأحوال البلد تدفعني إلي التفاؤل الحذر، فهل يمكن أن نعوض خسائرنا الرهيبة من السياحة خلال سنة أوحتي عدة سنوات قادمة، لقد كانت تلك الصناعة المهمة تحقق 15 مليار جنيه سنوياً للخزانة المصرية فمتي يمكن استعادة ما فقدناه يقول الوزير إننا نعيد هيكلة مكاتب تنشيط السياحة الخارجية من أجل تدعيم دورها في جذب السائحين إلي مصر، فهل يكفي ذلك أم أن المشكلة تحتاج إلي حلول أكبر تتعلق باستقرار البلد سياسيا وأمنيا، كذلك كان حظر التجول الذي تم فرضه خلال الشهور الثلاثة الماضية أحد أسباب تراجع السياحة العربية بنسبة 70٪. والآن وبعد أن رفع الحظر وعادت الأوضاع لطبيعتها نأمل أن تعود السياحة العربية أو حتي جزءاً منها إلي مصر. التحدي صعب والمشكلة رهيبة لكن الأمل يسكن في شمسنا الساطعة وشواطئنا الرائعة ومدننا السياحية والتاريخية الفريدة وسحر أجدادنا الفراعنة الذي طالما خلب قلوب السائحين الأجانب. فلنصلي جميعاً من أجل إنقاذ السياحة في مصر.