السفير رءوف سعد العلاقات المصرية الروسية تشهد تطوراً ملموساً في الوقت الحالي، مع اقتراب زيارة وزير الخارجية الروسي للقاهرة، »الأخبار« التقت مع السفير رءوف سعد سفير مصر السابق في روسيا الذي كان عضواً في الوفد الشعبي الذي زار روسيا مؤخراً ليشكر الشعب الروسي علي مساندته لمصر بعد ثورة 03 يونيو ويشرح خارطة الطريق ويسعي لفتح أبواب الاستثمارات وعودة السياحة الروسية لمصر مستنداً علي العلاقات القوية بين مصر والاتحاد السوفيتي الذي ساهم في إقامة صروح صناعية مازالت باقية حتي الآن وأهمها السد العالي.. ولهذا كان لنا معه هذا الحوار: »رءوف سعد« سفير مصر السابق في روسيا وعضو مجلس الشئون الخارجية ورئيس مجلس إدارة المعهد المصري الدانماركي للحوار وكان عضواً بالوفد الشعبي الذي زار روسيا مؤخرا.. أشار في كلمة له أمام المؤتمر الدولي للمجلس المصري الأوروبي الذي حضره 51 من سفراء الدول الأوروبية والآسيوية الذي عقد مؤخراً بالقاهرة في إطار الاحتفال بمرور 07 عاماً علي إقامة العلاقات الدبلوماسية بين مصر وروسيا إلي أن المصريين يعتزون بموقف روسيا والرئيس »بوتين« المؤيد لثورة 03 يونيو والداعم لاستقرار مصر ولجهودها في مكافحة الإرهاب وأن روسيا صديق وشريك قديم ووفي لمصر وأن التغيرات التي تشهدها المنطقة والعالم تفتح آفاقاً جديدة لعلاقات أقوي بين البلدين لمصلحتهما المشتركة لتحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط، ولأن مصر تسير بخطي حثيثة في خريطة الطريق لبناء نظام سياسي جديد، وفي نفس الوقت تحمي الدولة حياة مواطنيها في مواجهة ما تتعرض له البلاد من عمليات إرهابية يجري دعمها والتخطيط لها من خلال شبكة المنظمات الإرهابية التي تنتشر في المنطقة، وكان لابد من نقل حقيقة ما تشهده مصر من تطورات سياسية وثورة شعبية وما تتعرض له من إرهاب وتوضيح المعلومات المغلوطة للغرب التي تنقلها وسائل الإعلام بطريقة غير صحيحة لتشويه صورة مصر للخارج من خلال إرسال تقارير مغرضة عن الأوضاع السياسية.. لكل هذا كان لنا معه هذا الحوار: هل تعتقد أن السياسة المصرية تسعي إلي إقامة التوازن أم استبدال العلاقات بين أمريكاوروسيا؟ السياسة المصرية الخارجية تمر الآن بمرحلة صياغة للمفهوم وللأدوات فمن حيث المفهوم هناك ارتباط واضح بين السياسة الخارجية والأوضاع الداخلية فليس مقبولاً أو مفهوماً أن تدار السياسة الخارجية بمعزل عن الأوضاع الداخلية فالسياسة الخارجية لابد أن تكون جزءاً من صناعة القرار الوطني حتي تقوم بمهمتها في الدفاع والحفاظ وتنمية هذه المصالح من خلال إدارتها للعلاقات الخارجية، وفي خطاب وزير الخارجية د. نبيل فهمي الذي خصص الجزء الأكبر من بيانه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة لشرح التطورات الداخلية في مصر منذ ثورة 03 يونيو والجهود لوضع مصر قوية علي مسار دولي جديد يستند إلي دولة حديثة مدنية ديمقراطية، كما أن السياسة الخارجية المصرية تسعي بكل جهد لأن تنأي بنفسها عن لعبة التوازنات الدولية والاستبدالات وإنما إدارة السياسة الخارجية المصرية محكومة بمصالحها وفق مبادئها التي يرتضيها شعبها ومن هنا ندرك ما نلمسه الآن من تفهم تدريجي للغرب لواقع جديد وفكر جديد ببوصلة سياسة تدير مصالحنا وفق أولويات تتحقق دون انحيازات أو تفضيلات وعلي سبيل المثال فقد كشفت ثورة 03 يونيو عن عمق جديد للعلاقات المصرية العربية ودعم لمصر في مرحلة دقيقة وهو دفاع مباشر من جانب الدول العربية عن مصيرها ومستقبلها الذي يتحدد ميزانه في مستقبل مصر.. وبنفس المنطق نري تعاملاً جديداً مع الملف الافريقي الذي أسميه دخوالاً جديداً إلي افريقيا يقوم علي الاحترام المتبادل والمصالح الكبيرة المتاحة أمام تعاوننا، وكل هذا لا يغيب عن ذهن صانع القرار الروسي الذي يتطلع لأن يطوير علاقاته مع مصر آخذة في الاعتبار أدواراً جديدة لمصر في المنطقة وفي افريقيا والذي يهم روسيا أن تقترب منه ولا تبتعد عنه. ما نتائج زيارة الوفد الشعبي لموسكو بعد موقف بوتين المؤيد لثورة 03 يونيو؟ الهدف الأساسي من هذه الزيارة تقديم الشكر والامتنان للرئيس بوتين علي موقفه من ثورة 03 يونيو والذي عبر بمضمونه وتوقيته عن فهم عميق وتقدير لحقيقة قيام ملايين المصريين بثورة شعبية لرفض الحكم الديني، أما توقيته فيعبر عن حس سياسي عالي وإدراك لحقيقة ما حدث في مصر، وهنا نشير إلي أنه ليس مجرد موقف داعم وإنما هو إدراك حقيقي لمخاطر التأسلم السياسي المتطرف الذي يمثل خطراً داخل روسيا حيث يوجد بها أكثر من 52 مليون مسلم ويسكن علي تخومها أكثر من مائة مليون مسلم خاصة أن الأديان في روسيا تمثل في الحقيقة هوية أكثر مما هي عقيدة وأن هناك داخل روسيا أكثر من مائتي قومية.. لهذا فإن التخوف من التأسلم السياسي يعني ارتفاع نبرة الهوية ومما يعطي مؤشراً للانفصال وهذا خطر لا تستطيع روسيا أن تتحمله مرة أخري.. وعندما فوجئ شعب مصر برد فعل مستغرب من جانب الغرب وشعر فيه الشعب المصري إما عدم قدرة علي فهم ما حدث في 03 يونيو أو عدم رغبة في الفهم، وهكذا كانت أهمية رسالة الشكر التي حملناها عميقة في مضمونها، مؤكدين أن المعادلة السياسية في مصر تغيرت الآن وأصبح الشعب هو الضامن والحاكم في هذه المعادلة من أجل أن تستعيد مصر مكانتها.. الهدف الثاني من الزيارة كان شرح لحقيقة ما حدث في 03 يونيو بما يتجاوز ما تناقلته وسائل الإعلام، ولقد أدي الوفد المصري أداء رفيعاً نظراً لأنه كان يتميز بتنوع تخصصاته وتوجهاته السياسية وعبر عن رغبة شعبية لإعادة الدفء للعلاقات المصرية الروسية واستثمار لتاريخ طويل وعميق من العلاقات مع الاتحاد السوفيتي وإنجازات وصروح صناعية ضخمة مازالت تخدم مصر ونسعي لبدء مرحلة نوعية جديدة من التعاون بإدارات ومعطيات القرن ال12 متذكرين أن روسيا ليست هي الاتحاد السوفيتي وأن اليوم هناك مصر جديدة، كذلك أكد الوفد المصري للجانب الروسي أننا لا نبحث من خلالهم عن شريك بديل وإنما شريك أصيل، لأن الأصيل يستمر والبديل يتغير وأنه من السذاجة السياسية تتحدد علاقاتنا بروسيا بما يحدث إيجاباً أو سلباً مع دول أخري. هل تطرقت مجالات التعاون إلي الاستفادة من التقدم العلمي والتكنولوجي الروسي؟ سعينا إلي الاستفادة من الثروة العلمية والتكنولوجية الهائلة في روسيا والاهتمام بما يسمي يتحويل التكنولوجيا العسكرية إلي القطاع المدني والتي يمكن أن تحدث استفادة كبيرة للصناعة المصرية والإمكانيات الكبيرة لروسيا في مجال المعدات والآلات الثقيلة وحرصنا علي أن نؤكد أن مصر مقبلة علي مرحلة جديدة من التنمية وأن الباب مفتوح للمستثمرين الروس حتي يساهموا ويستفيدوا من هذه المرحلة.