لم تعد الحملة الشرسة التي تتعرض لها مصر من جانب بعض القوي الاقليمية والدولية بتوجيهات ورعاية الولاياتالمتحدةالامريكية وتحت اشرافها، خافية علي احد من المهتمين والمتابعين للتفاعلات المؤيدة او المعارضة لما جري ويجري من متغيرات علي الساحة المصرية، بعد زلزال الثلاثين من يونيو وما تلاه من تداعيات في الثالث ثم السادس والعشرين من يوليو. واكثر ما يلفت الانتباه في تلك الحملة، هو ذلك الاصرار الغريب من جانب الولاياتالمتحدةالأمريكية علي تجاهل الحقيقة المؤكدة فيما جري بمصر، وكونه ارادة واضحة لجموع الشعب المصري انحازت لها قواته المسلحة، ووضعتها موضع التنفيذ بعزل الرئيس السابق وجماعته عن الرئاسة والحكم، استجابة لارادة الشعب مصدر السلطات وصاحب الشرعية. والولاياتالمتحدة في تجاهلها لهذه الحقيقة راحت تبحث عن اسباب تبرر بها موقفها المعارض لثورة الثلاثين من يونيو، ومحاولتها المستهجنة والمرفوضة لاعادة عقارب الساعة للوراء في مصر، والعودة بالامور الي ما كانت عليه قبل الثلاثين من يونيو، فلم تجد غير الادعاء بان ما حدث ليس بثورة ولكنه انقلاب عسكري. ولعلنا لا نذيع سرا، اذا ما قلنا ان الولاياتالمتحدة تدرك قبل غيرها هشاشة ذلك الادعاء، وتعلم علم اليقين بما لها من خبرة عريضة في تدبير الانقلابات العسكرية وغير العسكرية، في امريكا اللاتينية واوروبا الشرقية وغيرها من الدول بطول العالم وعرضه، ان ما حدث في مصر ليس له صلة من قريب او بعيد بالانقلاب العسكري. وفي ذلك تعلم الولاياتالمتحدة ان الانقلابات العسكرية لا يتم الاعلان عنها مسبقا، ولا يتم اخطار وتحذير من سيتم الانقلاب عليه قبلها، ولا يتم اعطاؤه مهلة للموافقة علي اجراء انتخابات مبكرة، والاستجابة لمطالب الشعب، وبعد رفضه لذلك، يجري توجيه انذار اخير،...، هذا بالقطع ليس انقلابا. كما تعلم الولاياتالمتحدة، ان الانقلاب العسكري يعني بالتأكيد قيام قادة الانقلاب من العسكريين بتولي السلطة والامساك بتلابيب الحكم، وهو ما لم يحدث في الحالة المصرية،...، بل ان ما حدث هو تسليم السلطة الي ادارة مدنية، متمثلة في رئيس مؤقت هو رئيس المحكمة الدستورية العليا، وحكومة انتقالية، والاعلان عن خارطة للطريق توضح الخطوات المستقبلية لتسليم السلطة الي رئيس منتخب وبرلمان يمثل ارادة الشعب، وذلك فور الانتهاء من الدستور الجديد. واذا كانت الولاياتالمتحدة تعلم ذلك... فلماذا تتجاهله؟! »وللحديث بقية«