حتي نحقق التقدم المنشود اقتصاديا واجتماعيا فإنه لابد أن تكون لدينا خريطة كاملة وشاملة لإمكاناتنا يتولي إعدادها نخبة من علمائنا وخبرائنا في جميع المجالات. يجب أن تتاح لهم كل آفاق البيانات والمعلومات وتفتح أمامهم كل سبل التعاون والتنسيق من جانب الأجهزة المعنية دون أي حساسيات. من المؤكد أننا نملك فرصا عديدة للتنمية في مجالات بعينها استطعنا أن يكون لنا فيها كثير من النجاح والتميز ولكن انطلاقاتنا مازالت محدودة تحتاج إلي الدراسة والبحث والعمل من أجل إزالة المعوقات بما يمهد الطريق إلي الانطلاق المنشود. التوصل إلي حل لهذه المعادلة ليس ابدا أمرا مستحيلا خاصة أننا يمكننا الاستفادة من تجارب الغير التي فاقت كل التوقعات فيما يتعلق بالعوائد المحققة. أحد أمثلة هذه الأنشطة الواعدة تتجسد في قطاع تكنولوجيا المعلومات خاصة في الجانب الخاص »بالسوفت وير« التي أصبحت مستخدمة في تسيير معظم الأعمال في كل أنحاء العالم. اننا ورغم التقدم الكبير الذي حققناه في هذا المجال في السنوات الأخيرة إلا أن قيمة الانجاز لا تتوافق أبدا وحجم الطموحات وما يمكن أن نجنيه من وراء هذا النشاط. إن ما يدل علي هذه الحقيقة عملية القاء الضوء علي اجتهاداتنا في صناعة تكنولوجيا المعلومات والعائد الذي لا يتجاوز عشرات الملايين من الدولارات مما يعد انجازا متواضعا إذا ما قارناه بما تحققه دولة مثل الهند. ان البيانات المعلنة تشير إلي ان هذه الدولة نجحت في أن تحصل علي دخل من وراء تكنولوجيا المعلومات وصناعة البرمجيات يقدر ب 06 مليار دولار في العام الماضي وهو رقم قابل للتصاعد المستمر. لقد استطاعت الهند وعلي مدي 52 عاما أن تحتل مقدمة الدول العاملة في هذا المجال. لم يقتصر هذا النجاح علي الداخل الهندي بل انطلق إلي كل انحاء العالم خاصة الولاياتالمتحدةالأمريكية حيث انتشر الخبراء الهنود في صناعة البرمجيات في كل المؤسسات الأمريكية مما أدي إلي ارتفاع شكوي الأمريكيين العاملين في هذه الصناعة من هذا الانتشار الذي يشجع عليه انخفاض أجور هؤلاء الخبراء الهنود عن أقرانهم الأمريكيين بنسبة تصل إلي 05٪. من ناحية أخري شجع هذا التقدم إلي لجوء كثير من الشركات المتعددة الجنسيات العاملة في الأسواق العالمية خاصة في مجال صناعة الخدمات إلي اختيار الهند لإقامة مراكز »الكول سنتر« في عدد من المدن الهندية. ولقد كانت هناك فرص للتعاون بين الهند ومصر في إطار الصداقة التاريخية بين البلدين. وهنا لابد ان نعترف بأنه كان هناك تقاعس في تحركنا من أجل الاستجابة لسنوات طويلة. تمثل ذلك في عزوف مسئولينا عن القيام بتبادل الزيارات مع الجانب الهندي رغم توجيه الدعوات المتكررة. وظل الجمود يسود العلاقات لاسباب مجهولة حتي جرت زيارة الدكتور طارق كامل وزير الاتصالات لنيودلهي منذ حوالي أربع سنوات علي ما اذكر وتبعتها بعد ذلك زيارة أخري من الدكتور أحمد نظيف رئيس الوزراء . رغم ذلك فإنني استطيع ان اقول ان النتائج لم تصل حتي الآن إلي الهدف المنشود. وفي هذا المجال يمكن أن اقول ان المسئولين في الهند لديهم رغبة في تعظيم التعاون بين البلدين في صناعة البرمجيات من خلال شركات مشتركة تعمل في المنطقة العربية. يأتي هذا التوجه علي خلفية إدراك الجانب الهندي للامكانات المتوفرة لدي مصر بالاضافة إلي الحاجة إلي اللغة العربية المستخدمة في هذه المنطقة العربية والتي تعد مصر جزءا منها. هذا الواقع عبر عنه المسئولون الهنود عند زيارتي لبلدهم منذ حوالي عشرة أعوام لاجراء حديث صحفي مع رئيس وزرائهم في ذلك الوقت. لاجدال ان هذا النجاح الساحق الذي حققته الهند في السنوات الأخيرة والذي يتمثل في عوائدهم من صناعة البرمجيات هو أمر يؤكد أهمية التوسع في التعاون من أجل الفائدة المشتركة. وكما ذكرت فإن احدا لا ينكر تقدمنا في هذا المجال ولكن في نفس الوقت علينا ان نعترف بأن الفوائد ليست بالقدر الذي ننشده من وراء صناعة البرمجيات والرصيد الذي نملكه من الخبرة فيها. لاجدال ان امامنا فرصة هائلة للارتفاع بهذه الفوائد إلي خانة المليارات إذا ما عقدنا العزم علي بذل المزيد من الجهد والاجتهاد وتعظيم وتقديم التسهيلات والدعم من جانب الدولة مستفيدين في ذلك من الخبرة الهندية وبأي خبرة أخري متاحة. جلال دويدار [email protected]