انتهت موجات الحر المتتابعة التي كانت من سمات الصيف الماضي، وبالتالي انتظمت التغذية الكهربائية لجميع الاحمال علي مستوي الجمهورية بعد ان عانت من انقطاعات متوالية ومتكررة طوال فترات الموجات الحارة. وقد كانت الاعصاب متوترة خلال فترات انقطاع التغذية واستمرار الموجات الحارة وتم توجيه اللوم من غير المتخصصين تارة لوزارة الكهرباء وتارة لوزارة البترول وقام البعض بتوجيه اتهامات بقصور الشبكة الكهربائية بالجمهورية... الخ. وحيث ان الظروف السابقة يمكن ان تتكرر في الاعوام القادمة لذلك فإننا سنحاول إلقاء بعض الضوء علي ما حدث ومناقشته مناقشة موضوعية. مع الاخذ في الاعتبار كيفية تفادي ما حدث في الصيف الماضي. أولا: يجب ان نعرف ان الشبكة الكهربائية الموحدة للجمهورية مصممة علي احدث نظم الشبكات الموحدة في العالم، وتغطي الشبكة الموحدة جميع اجزاء الجمهورية وبالتالي فإن مستوي العزل بالنسبة للخطوط الهوائية يختلف من منطقة إلي منطقة اخري طبقا لما تتعرض له الشبكة من تلوث يمكن ان يؤثر سلبا علي العزل الكهربي، فمن المعروف ان التلوث الصحراوي الموجود في المناطق الصحراوية يختلف عن التلوث الصناعي ويختلف ايضا عن التلوث الزراعي أو التلوث الساحلي. وحتي التلوث الصحراوي يختلف من منطقة صحراوية إلي منطقة صحراوية اخري. وقد تم تحديد مستوي العزل اللازم في جميع انحاء الجمهورية وتم تطبيق ذلك علي الشبكة الموحدة وبالتالي فإن الشبكة الموحدة تعمل بكفاءة تامة من ناحية العزل الكهربي. ان ما يحدث من أزمات في الكهرباء وفصل التيار عن بعض المناطق وقت احمال الذروة يحدث خلال موجات الحر الشديدة خلال أشهر الصيف وقبل مناقشة كيفية تفادي تكرار فصل الأحمال يجب ان نعرف اولا تأثير درجات الحرارة العالية علي كل من معدلات الاستهلاك وكذا علي كفاءة عمل معدات التوليد ومعدات نقل وتوزيع الطاقة الكهربائية. بالنسبة لمعدلات الاستهلاك فهي تعتمد علي درجات الحرارة، وحمل الذروة يكون عادة بعد الغروب ويستمر لمدة حوالي ساعتين وهي الفترة التي تضطر فيها شركات الكهرباء لقطع التيار عن بعض المناطق وذلك لحماية الشبكة الكهربائية ولضمان استمرار التغذية الكهربائية لبقية المناطق. وقد زاد حمل الذروة في مصر زيادة كبيرة خلال الاعوام الاخيرة، فمثلا في عام 8002/9002 كان حمل الذروة حوالي 00312 ميجاوات، زاد خلال عام 9002/0102 بحيث اصبح حوالي 00722 ميجاوات أي بمعدل زيادة سنوية حوالي 7٪ وهو معدل زيادة كبير حيث ان معدلات الزيادة العادية في الدول النامية تكون عادة في حدود من 1 إلي 2٪، وترجع هذه الزيادة الكبيرة في حمل الذروة إلي اسباب عديدة لعل اهمها يرجع إلي زيادة اعداد أجهزة تكييف الهواء. فقد كانت اعداد أجهزة تكييف الهواء عام 6991 حوالي 00561 جهاز زادت في عام 6002 إلي حوالي 007 ألف جهاز، ثم زادت مرة اخري في عام 9002 إلي حوالي 3 ملايين جهاز تكييف اي بزيادة حوالي 000.003.2 جهاز »اثنين مليون وثلاثمائة الف جهاز« زيادة عن عام 6002 وذلك بسبب زيادة درجات الحرارة بطريقة ملحوظة خلال الموجات الحارة بحيث اصبحت الغالبية العظمي من السكان تعتبر جهاز التكييف سلعة اساسية وليس سلعة كمالية. كما ان التسهيلات العديدة التي يقدمها تجار وصناع اجهزة التكييف للمستهلكين من تقسيط وتسهيلات في السداد ساعد بلاشك علي زيادة اعداد اجهزة التكييف. والزيادة في اعداد اجهزة التكييف ما بين عامي 6002 و9002 يلزمها قدرة مولدة تقدر بحوالي 0575 ميجاوات وهي قدرة يلزم لتوليدها حوالي 4 محطات توليد كهرباء لمجرد تغذية الزيادة في احمال اجهزة تكييف الهواء. كما ان العديد من الاحمال لا ينشط إلا خلال فترة الصيف خاصة خلال فترات الموجات الحارة، وهي احمال القري السياحية بطول الساحل الشمالي من العجمي بالاسكندرية وحتي مرسي مطروح. وهي مناطق شاسعة يكون استهلاكها طوال العام كميات صغيرة من الطاقة وتزيد زيادة كبيرة خلال اشهر الصيف حيث تنشط هذه القري السياحية وتزداد احمالها زيادة كبيرة خاصة خلال الموجات الحارة حيث يهرب اهل المدن من الجو الحار إلي القري الساحلية حيث توجد نسمة هواء باردة تلطف الجو. فمثلا يبلغ متوسط الحمل الاجمالي للقري السياحية بالساحل الشمالي حوالي 08 ميجاوات خلال اشهر الشتاء يزيد خلال فترة الصيف إلي حوالي 072 ميجاوات أي بزيادة حوالي 832٪. بالاضافة إلي ماسبق فإن زيادة درجات الحرارة تؤثر سلبا علي كفاءة معدات توليد الكهرباء وكذا معدات النقل والتوزيع. كاتب المقال : استاذ بهندسة عين شمس والحاصل علي جائزة الدولة التقديرية في العلوم الهندسية لعام 9002