ما يدعو إلي الكآبة في أحوال البلد يفوق بكثير أي رغبة للكتابة، وخاصة إذا كان الاستخفاف واللف والدوران هو سيد الموقف في هذه الايام الكبيسات التي تخلو من أي بديع أو ابداع! اتوقف كثيراً منذ صباي عند قوله تعالي في سورة الزخرف »فاستخف قومه فأطاعوه إنهم كانوا قوماً فاسقين«، واستخف تعني أنه استجهلهم لخفة احلامهم وقلة عقولهم ولا يفعل ذلك سوي رجل طاغوت تجاوز الحد في كل شيء بما لا يفيد الناس ولكن يفيد الجماعة أو الحاشية فقط، ولم أنس لحظة التفسير العبقري الذي قدمه الاستاذ سيد قطب في كتابه عن التصوير الفني في القرآن وقوله إنه لا يصنع فرعون إلا الصامتون، ولا يخلق الذل إلا من يقبل به نتيجة. ويقول لنا سيد قطب إن القابلين للاستخفاف هم الجماهير الغافلة التي تعطي ظهرها ليركبها من يستخف بها، وتمد له أعناقها فيجرها، وتحني له رؤوسها فيستعلي عليها، وتتنازل له عن حقها في العزة والكرامة فيطغي. وصف سيد قطب ما حدث في يوم الزينة بين سيدنا موسي عليه السلام وسحرة فرعون، وقال: لقد شهد المصريون المعجزات، ولو كان كل منهم رمي جماعة فرعون بحجر لكان قد انتهي امرهم، ولكنه استخف بهم فأطاعوه!! ربنا لا تجعلنا من هؤلاء!