في القاهرة وفي يوم الخميس الموافق 22 أبريل عام 1898 صدرالعدد الأول من أول صحيفة كردية في التاريخ، وقد طبعت تلك الصحيفة في مطابع دار الهلال. والشعار الحالي لنقابة الصحفيين في كردستان العراق يحمل صورة الصفحة الأولي لهذا العدد، وقد أسس هذه الصحيفة مقداد مدحت بدر خان ، وهو ينتمي إلي أسرة كردية عريقة ولها إمتداد في مصر (المخرج علي بدرخان)، وأصبح هذا اليوم عيداّ للصحافة الكردية يحتفل به كل عام،وخلال مراسم الاحتفال يتم التنويه بمصر ودورها من أجل التواصل التاريخي بين العرب بشكل عام ومصر بشكل خاص وبين أكراد العراق، يذكرون ماقدمته مصر تاريخيا للأكراد ، فيذكرون الصحيفة الكردية الأولي، ويذكرون أيضا أن أول إذاعة كردية في التاريخ تم بثها من القاهرة عام 1957 ويتحدثون باعتزاز عن عوامل التواصل الأخري ، يذكرون رواق الأكراد في الأزهر الشريف،ومكانة علماء الدين الأكراد من خريجي الأزهر في القلوب ، والتي تقترب من القداسة ، كما يذكرون البطل التاريخي صلاح الدين الأيوبي، قاهر الصليبيين ومحرر القدس،والتواصل الكردي التاريخي بمصر تؤكده أسماء القري المصرية التي تحمل لفظ الكردي والأكراد، والحركة التنويرية المصرية في بدايات العصر الحديث ضمت رموزا ترجع أصولها إلي القومية الكردية مثل، قاسم أمين ،كما أن الحركة الثقافية والفكرية والفنية، تضم أيضاّ أسماء لامعة من أصول كردية ، مثل محمود سامي البارودي وأحمد تيمور وعائشة التيمورية ومحمد ومحمود تيمور، وعائلة بدر خان ، وسيف وأدهم وانلي، وفي عام 1998 عقد في القاهرة أول مؤتمر للحوار العربي الكردي، وخلال جلسات هذا المؤتمر اطلع الجانب العربي من خلال القاهرة علي مطالب الأكراد والتي ليس من بينها الإنفصال عن الدولة العراقية ، واكتشف أن تلك المطالب رغم كل ماكان يحيطها من ضبابية وافتراءات ، لقد تبين من خلال طرح الجانب الكردي أن طلباتهم مشروعة وليست خصما من مصالح الدولة العراقية،كما افتتح في القاهرة مكتبا للاتحاد الوطني الكردستاني أسهم ولايزال في توثيق أواصر العلاقات بين الجانبين، والأمثلة كثيرة، ونعود إلي الحاضر، فكردستان العراق أصبحت الآن إقليما ضمن الدولة العراقية الاتحادية وحسب نص الدستور العراقي، وهي منطقة تشهد نموا هائلا في جميع المجالات، وهذا النمو يحتاج إلي خبرات في مختلف التخصصات، والتي تتوفر في مصر، ولقد لمست بنفسي بحكم مقاربتي لإقليم كردستان العراق ، مدي تطلع الأكراد إلي توثيق العلاقات مع مصر، والاستعانة بالخبرات المصرية،وبالفعل فقد شهدت السنوات الأخيرة نموا في هذا التواصل ، ومن أمثلة ذلك افتتاح معهد ديني تابع للأزهر الشريف ،في مدينة أربيل عاصمة الإقليم، ويقوم بالتدريس فيه أساتذة مصريون موفدون من الأزهر، علي أن يتم استكمال طلاب هذا المعهد لدراستهم فيما بعد في جامعة الأزهر، وفي المقابل عقدت اتفاقية بين جامعة عين شمس وجامعة صلاح الدين بأربيل لتدريس اللغة الكردية ضمن قسم اللغات الشرقية بكلية الآداب، تمهيدا لافتتاح قسم مستقل للغة الكردية فيما بعد،كما أن هناك زيارات متبادلة بين مصر والإقليم جرت علي المستويين الرسمي والشعبي مؤخرا وأعتقد أنها ستثمر مزيدا من التعاون في المستقبل القريب،إن كل الظروف مواتية لقيام هذا التعاون ،فالخبرات المصرية مطلوبة وبشدة في كردستان، وعلي المستوي الإنساني فالمواطن المصري مرحب به في جميع المدن الكردية،فقد سبقت هذا المواطن العديد من القوي المصرية الناعمة، كالثقافة المصرية ، والفن المصري، وقبل ذلك كله الأزهر الشريف ، إضافة إلي ذلك فإنه علي المستوي السياسي لاتوجد أي مشاكل عقدية بين مصر وكردستان ، بعكس الحال مع تركيا وإيران ، التي تشكل المشكلة الكردية في كل منهما إشكالية خاصة،إن الأمل معقود علي قيام تعاون واسع بين مصر وإقليم كردستان العراق، تعاون سيثمر حتما خيراّ كثيرا للجانبين .