الاختلاف سنة الحياة لتشعب الآراء، وتعدد الأهواء، وتنوع الأذواق، حتي قيل »لولا اختلاف وجهات النظر لبارت السلع«، وقد بنيت الحياة علي التنوع والاختلاف، وتعارض وجهات النظر لا يعني أن ينصب أحد الطرفين للآخر العداء، فكما يقول غاندي: الاختلاف في الرأي ينبغي ألا يؤدي الي العداء والا لكنت أنا وزوجتي من ألد الاعداء. ولنثق بأن التنوع مبعث قوة ومصدر جمال، فالبستان لا يكتمل جماله الا بتعدد ألوان الزهور وتنوع أشكالها واختلاف أشجارها، وحياتنا تقوم علي هذا الاختلاف، فلولا تعاقب الليل والنهار ما دارت عجلة الحياة، ولولا الرجل والمرأة لما كان للانسان وجود، ولولا المرض ما عرفنا طعم الصحة، وعن التنوع يقول جبران خليل جبران: بعضنا كالحبر وبعضنا كالورق فلولا سواد بعضنا لكان البياض أصم، ولولا بياض بعضنا لكان السواد أصم، وهذه قيمة التنوع. وقديما قيل »الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية« والعاقل يطبق القاعدة الجميلة وفحواها: أتفق معك في الرأي كثيرا وأختلف معك قليلا، إنها فضيلة الوفاق وقبول الآخر إذ ان النقد نقد فكرة أو رأي وليس نقد أفراد بذم أو رفض حوار أو رفع صوت بل بالعكس ان ارتفاع الصوت يدل علي ضعف موقف المتحدث. إن الحوار الهادف البناء تظله السماحة والقبول، وتزول فيه روح العصبية والقبيلة والنسب، وتذوب بين أطرافه فروق الدين والمذاهب ليتلاقوا جميعا في سيمفونية حب الوطن فلا غني لطرف عن الآخر حتي تسير قاطرة الحياة بسلام، ولنصل جميعا بمصرنا الغالية الي بر الأمان لنبني ونعمر ونشيد لأبنائنا مثلما بني لنا آباؤنا، ولن يتحقق ذلك الا بتكامل العنصرين، وتلاحم شطري الدائرة كليهما، فالاشخاص زائلون ومصر هي الباقية.